وَادَّعَى الْفَقِيرُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ؛ (فَقَوْلُ فَقِيرٍ أَنَّهُ صَدَقَةٌ) بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ إنَّهُ فَقِيرٌ؛ إذْ مَنْ طَلَبَ لِلْفَقْرِ إنَّمَا يَطْلُبُ صَدَقَةً غَالِبًا.
(وَشُرِطَ. عِلْمُ قَدْرِ قَرْضٍ) بِمُقَدَّرٍ مَعْرُوفٍ، فَلَا يَصِحُّ قَرْضُ دَنَانِيرَ وَنَحْوِهَا عَدَدًا إنْ لَمْ يُعْرَفْ وَزْنُهَا، إلَّا إنْ كَانَتْ يُتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا، فَيَجُوزُ، وَيُرَدُّ بَدَلُهَا عَدَدًا، (وَ) مَعْرِفَةُ (وَضْعِهِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ رَدِّ بَدَلِهِ. (وَ) شُرِطَ (كَوْنُ مُقْرِضٍ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ) ، فَلَا يُقْرِضُ نَحْوُ وَلِيِّ يَتِيمٍ مِنْ مَالِهِ، وَلَا مُكَاتَبٌ وَلَا نَاظِرُ وَقْفٍ مِنْهُ، كَمَا لَا يُحَابِي؛ (فَلَا يَصِحُّ قَرْضٌ نَحْوِ مَكِيلٍ) ؛ كَمَوْزُونٍ (جُزَافًا أَوْ مُقَدَّرًا بِمِكْيَالٍ بِعَيْنِهِ غَيْرِ مَعْرُوفٍ عِنْدَ الْعَامَّةِ) ؛ كَالسَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ تَلَفَ ذَلِكَ فَيَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمَا غَرَضٌ فِي ذَلِكَ؛ صَحَّ الْقَرْضُ، لَا التَّعْيِينُ، (وَمِنْ شَأْنِهِ) ؛ أَيْ: الْقَرْضِ (أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً) فِي الْغَالِبِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الدَّيْنُ لَا يَثْبُتُ إلَّا فِي الذِّمَمِ، وَمَتَى أُطْلِقَتْ بِالْأَعْوَاضِ تَعَلَّقَتْ بِهَا، وَلَوْ عُيِّنَتْ الدُّيُونُ مِنْ أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ؛ لَمْ يَصِحَّ. (فَلَا يَصِحُّ قَرْضُ جِهَةٍ؛ كَمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ) ؛ كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ (مَعَ قَوْلِهِمْ) ؛ أَيْ: الْأَصْحَابِ فِي كِتَابِ (الْوَقْفِ: وَلِلنَّاظِرِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ) بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ لِمَصْلَحَتِهِ؛ كَشِرَائِهِ لَهُ نَسِيئَةً، أَوْ بِنَقْدٍ لَمْ يُعِنْهُ. (وَفِي بَابِ اللَّقِيطِ) يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِنَفَقَةِ اللَّقِيطِ، وَكَذَا قَالَ فِي " الْمُوجَزِ ": يَصِحُّ قَرْضُ حَيَوَانٍ وَثَوْبٍ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ. (فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ) . قَالَ فِي شَرْحِ " الْإِقْنَاعِ " قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّيْنَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ، وَبِهَذِهِ الْجِهَاتِ؛ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي؛ فَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ الْوَفَاءُ مِنْ مَالِهِ، بَلْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ، وَمَا يَحْدُثُ لِبَيْتِ الْمَالِ. أَوْ يُقَالُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ رَأْسًا، وَمَا هُنَا بِمَعْنَى الْغَالِبِ فَلَا تَرِدُ الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ لِنُدْرَتِهَا.
(وَيَصِحُّ) الْقَرْضُ (فِي كُلِّ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا) مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute