بِمَا هُنَالِكَ، بَلْ يَقِفُ عِنْدَ بَيَانِ النَّوْعِ وَالتَّقْدِيرِ، كَمَا لَا يَخْفَى ذَلِكَ عَلَى النَّاقِدِ الْبَصِيرِ، وَقَالَ الْحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ رَجَبٍ (فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ مِنْ الْقَوَاعِدِ) الْفِقْهِيَّةِ: (الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ كَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ وَوَكَالَةٍ) إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً فَإِنَّ (فَسَادَهَا لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ التَّصَرُّفِ) ؛ أَيْ: تَصَرُّفِ الْمُتَعَاطِي (فِيهَا بِالْإِذْنِ) . وَعِبَارَتُهُ: الشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ إذَا تَعَدَّى فِيهِمَا فَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ؛ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ فِيهِ، وَيَتَخَرَّجُ بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: لَوْ حَلَفَ عَلَى الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ أَصْلِهَا أَنَّهَا شَرِكَةٌ حَنِثَ. قَالَ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا. وَالْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ الْقَوْلِ بِنُفُوذِهِ وَبَقَاءِ الْإِذْنِ مُشْكِلٌ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَرَّرَ أَنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى.
(وَوَكِيلٌ فِي شِرَاءِ طَعَامٍ يَمْلِكُ شِرَاءَ الْبُرِّ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ هُوَ الْبُرُّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي لِسَانِ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَقَالَ فِي " الْمُنْتَخَبِ ": يَشْتَرِي خُبْزَ بُرٍّ مَعَ وُجُودِ الْبُرِّ لِلْعَادَةِ. ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".
(وَ) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ (فِي " الْفُنُونِ ": لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ مِمَّنْ عَلِمَ ظُلْمَهُ مُوَكِّلُهُ فِي الْخُصُومَةِ) .
قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْفُرُوعِ " وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ.
(وَكَذَا) ؛ أَيْ: لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ (لَوْ ظَنَّ الْوَكِيلُ ظُلْمَهُ) ؛ أَيْ: ظُلْمَ مُوَكِّلِهِ إجْرَاءً لِلظَّنِّ مَجْرَى الْعِلْمِ قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، (وَبَالَغَ الْقَاضِي) أَبُو يَعْلَى (فَمَنَعَ) ذَلِكَ، وَقَالَ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: ١٠٥] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ (أَنْ يُخَاصِمَ عَنْ غَيْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ عَالَمٍ بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِ) .
قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " فِي الصُّلْحِ عَنْ الْمُنْكَرِ: يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْلَمَ صِدْقُ الْمُدَّعِي، فَلَا يَحِلُّ دَعْوَى مَا لَمْ يُعْلَمْ ثُبُوتُهُ.
(وَيَتَّجِهُ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالصِّدْقِ) وَالْأَمَانَةِ وَعَدَمِ التَّعَدِّي عَلَى الْغَيْرِ؛ (اعْتَمَدَ قَوْلَهُ) ؛ وَصَحَّتْ الْوَكَالَةُ عَنْهُ، (وَ) إنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْرَفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute