(بِالْكَذِبِ) وَالِاسْتِشْرَافِ لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ؛ فَلَا يُعْتَمَدُ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ عَنْهُ لِئَلَّا يَقَعَ الْوَكِيلُ فِي الْمَحْظُورِ مِنْ أَجْلِهِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَمَنْ وَكَّلَ فِي قَبْضِ) دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (كَانَ وَكِيلًا فِي خُصُومَةٍ) سَوَاءٌ عَلِمَ الْغَرِيمُ بِبَذْلِ مَا عَلَيْهِ أَوْ جَحَدَهُ أَوْ مَطَلَهُ؛ لِأَنَّهُ [لَا] يُتَوَصَّلُ إلَى الْقَبْضِ إلَّا بِالْإِثْبَاتِ، فَالْإِذْنُ فِيهِ إذْنٌ فِيهِ عُرْفًا، وَمِثْلُهُ مَنْ وُكِّلَ فِي قَسْمِ شَيْءٍ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ طَلَبِ شُفْعَةٍ، فَيَمْلِكُ بِذَلِكَ تَثْبِيتَ مَا وُكِّلَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلتَّوَصُّلِ إلَيْهِ، (لَا عَكْسُهُ) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ فِي الْخُصُومَةِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ نُطْقًا وَلَا عُرْفًا، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَرْضَى لِلْخُصُومَةِ مَنْ لَا يَرْضَاهُ لِلْقَبْضِ، وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ فِي خُصُومَةِ إقْرَارٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِقَوَدٍ وَلَا قَذْفٍ، وَكَالْوَلِيِّ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى مَوْلَاهُ.
[و] قَوْلُ إنْسَانٍ لِآخَرَ: (أَجِبْ خَصْمِي عَنِّي؛ وَكَالَةً فِي خُصُومَةٍ، وَ) قَوْلُهُ (اقْبِضْ حَقِّي الْيَوْمَ) أَوْ اللَّيْلَةَ أَوْ بِعْ ثَوْبِي الْيَوْمَ أَوْ اللَّيْلَةَ؛ (لَمْ يَمْلِكْهُ) ؛ أَيْ؛ فَعَلَ مَا وَكَّلَ فِيهِ الْيَوْمَ أَوْ اللَّيْلَةَ (غَدًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ نُطْقُهُ إذْنًا وَلَا عُرْفًا، وَلِأَنَّهُ قَدْ يُؤْثِرُ التَّصَرُّفَ فِي زَمَنِ الْحَاجَةِ، دُونَ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا لَمَّا عَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادَتِهِ وَقْتًا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ وَلَا تَأْخِيرُهَا عَنْهُ، وَإِنَّمَا صَحَّ فِعْلُهَا [قَضَاءً] ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَمَا اُشْتُغِلَتْ كَانَ الْفِعْلُ مَطْلُوبَ الْقَضَاءِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: اقْبِضْ حَقِّي (مِنْ فُلَانٍ مَلَكَهُ) أَيْ: قَبَضَ حَقَّهُ مِنْ فُلَانٍ و (مِنْ وَكِيلِهِ) ؛ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُوَكِّلِهِ، فَيَجْرِي مَجْرَى إقْبَاضِهِ، و (لَا) يَمْلِكُ الْقَبْضَ (مِنْ وَارِثِهِ) ؛ أَيْ: فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ، وَلَا يَقْتَضِيه الْعُرْفُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ إلَى الْوَارِثِ وَاسْتَحَقَّ الطَّلَبَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ إنْسَانٌ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا حَنِثَ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ.
(وَإِنْ قَالَ لَهُ) : اقْبِضْ حَقِّي (الَّذِي قَبِلَهُ) ؛ أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute