الْعَمَلَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمَا، وَبِضَمَانِهِمَا لَهُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ، فَتَكُونُ لَهُمَا، وَيَكُونُ الْعَامِلُ مِنْهُمَا عَوْنًا لِصَاحِبِهِ فِي حِصَّتِهِ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقَهُ، كَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيُقَصِّرَ ثَوْبًا فَاسْتَعَانَ بِآخَرَ.
(وَيَلْزَمُ مِنْ عُذْرٍ) بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي تَرْكِ الْعَمَلِ مَعَ شَرِيكِهِ (بِطَلَبِ شَرِيكِهِ) الصَّحِيحِ، (أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ) مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ، فَإِنْ طَلَبَ؛ لَزِمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَا، فَإِذَا تَعَذَّرَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا بِنَفْسِهِ؛ لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ، تَوْفِيَةً لِمَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ؛ فَلِلْآخَرِ الْفَسْخُ.
(وَيَصِحُّ) أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى أَنْ (يُحَمِّلَا دَابَّةً لَهُمَا مَا يَتَقَبَّلَانِهِ) ، مِنْ حَمْلِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ (فِي ذِمَّتَيْهِمَا، وَالْأُجْرَةُ) بَيْنَهُمَا (كَمَا شَرَطَا) ؛ لِأَنَّ تَقَبُّلَهُمَا الْحَمْلَ أَثْبَتَ الضَّمَانَ فِي ذِمَّتَيْهِمَا، وَلَهُمَا أَنْ يَحْمِلَاهُ عَلَى أَيِّ ظَهْرٍ كَانَ، وَالشَّرِكَةُ تَنْعَقِدُ عَلَى الضَّمَانِ، كَشَرِكَةِ الْوُجُوهِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (أَنْ يَشْتَرِكَا فِي أُجْرَةِ عَيْنِ الدَّابَّتَيْنِ، أَوْ فِي أُجْرَةِ أَنْفُسِهِمَا إجَارَةٌ خَاصَّةً) ؛ كَأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجِرُ: اسْتَأْجَرْتُ هَاتَيْنِ الدَّابَّتَيْنِ، أَوْ اسْتَأْجَرْتُكُمَا لِحَمْلِ هَذَا الْمَتَاعِ إلَى مَحِلِّ كَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْحَمْلِ فِي ذِمَّتَيْهِمَا، وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْمُكْتَرِي مَنْفَعَةَ الْبَهِيمَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا، أَوْ مَنْفَعَةَ الْمُؤَجَّرَ نَفْسِهِ، وَلِهَذَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمَأْجُورِ مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ إنْسَانٍ، فَلَمْ يَتَأَتَّ ضَمَانٌ؛ فَلَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَيْهِ، (وَلِكُلِّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (أُجْرَةُ دَابَّتِهِ فِيمَا) إذَا أَجَّرَ عَيْنَ الدَّابَّتَيْنِ، (وَ) أُجْرَةُ (نَفْسِهِ) فِيمَا إذَا أَجَّرَا نَفْسَهُمَا؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ. فَإِنْ أَعَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي التَّحْمِيلِ؛ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا فِي عِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ.
(وَتَصِحُّ شَرِكَةُ اثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا آلَةُ قِصَارَةٍ، وَلِآخَرَ بَيْتٌ، شَرِكَةَ) أَبْدَانٍ عَلَيْهِمَا، عَلَى أَنَّهُمَا (يَعْمَلَانِ) ؛ أَيْ: يُقَصِّرَانِ مَا يَتَقَبَّلَانِ عَمَلَهُ عَلَى عَمَلِهِمَا، وَالْعَمَلُ يُسْتَحَقُّ بِهِ الرِّبْحُ فِي الشَّرِكَةِ، وَالْآلَةُ وَالْبَيْتُ لَا يُسْتَحَقُّ بِهِمَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute