فِي الْعَمَلِ الْمُشْتَرَكِ، فَصَارَا كَالدَّابَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَحْمِلَانِ عَلَيْهِمَا مَا يَتَقَبَّلَانِ حَمْلَهُ فِي ذِمَّتَيْهِمَا. فَإِنْ فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ لِنَحْوِ جَهَالَةٍ؛ قُسِّمَ رِبْحُ الْحَاصِلِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ عَمَلِهِمَا، أَوْ عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ الدَّارِ وَالْآلَةِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ قَدْ أُخِذَ فِي مُقَابَلَةِ تِلْكَ الْمَنَافِعِ، يَلْزَمُ تَوْزِيعُهُ عَلَيْهِمَا بِالْمُحَاصَّةِ، كَمَا لَوْ أَجَّرَهَا بِأَجْرٍ وَاحِدٍ.
وَإِنْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا آلَةٌ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ شَيْءٌ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا بَيْتٌ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ شَيْءٌ، فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَا بِالْآلَةِ أَوْ فِي الْبَيْتِ، وَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا صَحَّ؛ لِمَا ذَكَرْنَا.
و (لَا) يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِكَ (ثَلَاثَةٌ، لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ، وَلِآخَرَ رَاوِيَةٌ، وَثَالِثٌ يَعْمَلُ) بِالرَّاوِيَةِ عَلَى الدَّابَّةِ، عَلَى أَنْ مَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ بَيْنَهُمْ. (أَوْ أَرْبَعَةٌ، لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ، وَلِآخَرَ رَحًى، وَلِثَالِثٍ دُكَّانٌ، وَرَابِعٌ يَعْمَلُ) الطَّحْنَ بِالدَّابَّةِ وَالرَّحَى فِي الدُّكَّانِ، وَمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَبَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشَارَكَةً وَلَا مُضَارَبَةً؛ لِكَوْنِهِمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِهِمَا عُرُوضًا، وَلِأَنَّ مِنْ شُرُوطِهِمَا عَوْدَ رَأْسِ الْمَالِ تَسْلِيمًا، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ حَتَّى يُسْتَوْفَى رَأْسُ الْمَالِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً؛ لِافْتِقَارِهَا إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، وَأَجْرٍ مَعْلُومٍ. (وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مَا تَقَبَّلَهُ) مِنْ عَمَلٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَأْجَرُ لِحَمْلِ الْمَاءِ وَالطَّحْنِ، (وَعَلَيْهِ) - أَيْ: الْعَامِلِ - (أُجْرَةُ آلَةِ رُفْقَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهَا بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُمْ، فَكَانَ لَهُمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ الْفَاسِدَةِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. (وَقِيَاسُ نَصِّهِ) - أَيْ: الْإِمَامِ - فِي دَابَّةٍ يَدْفَعُهَا شَخْصٌ إلَى آخَرَ يَعْمَلُ عَلَيْهَا، وَمَا رَزَقَهُ اللَّهُ بَيْنَهُمَا؛ (صِحَّتُهَا) ؛ أَيْ: مَسْأَلَةِ اشْتَرَاكِ الثَّلَاثَةِ، وَمِثْلُهَا اشْتِرَاكُ الْأَرْبَعَةِ، (وَاخْتَارَهُ) ؛ أَيْ: الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، (جَمْعٌ) مِنْهُمْ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، (وَصَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ ") ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَالرِّعَايَةِ " قَالَ فِي " التَّنْقِيحِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ.
(وَمَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ مَا ذُكِرَ) ، مِنْ الدَّابَّةِ وَالرَّحَى وَالدُّكَّانِ وَالْعَامِلِ (لِلطَّحْنِ) ؛ أَيْ: لِطَحْنِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ، وَأَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ، (صَفْقَةً)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute