للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَائِقِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: إذَا قَالَ لِرَجُلٍ: اغْرِسْ فِي أَرْضِي هَذِهِ شَجَرًا أَوْ نَخْلًا، فَمَا كَانَ مِنْ غَلَّةٍ فَلَكَ بِعَمَلِكَ هَذَا، فَأَجَازَهُ، وَاحْتَجَّ فِي حَدِيثِ خَيْبَرَ، فَهَذَا نَصٌّ فِيمَا إذَا جَعَلَ لَهُ جُزْءًا مِنْ النَّمَاءِ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَظَاهِرُ نَصِّهِ وَبِجُزْءٍ مِنْهُ - أَيْ الشَّجَرِ - وَمِنْهُمَا كَالْمُزَارَعَةِ. انْتَهَى.

وَاشْتِرَاطُ كَوْنِ الْغَرْسِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ مُعْتَبَرٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ دَفَعَ أَرْضًا وَشَجَرًا لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ؛ لَمْ يَصِحَّ. قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَلَمْ نَعْلَمْ فِيهِ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الْأَصْلِ فَفَسَدَ؛ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الشَّجَرَ بِلَا أَرْضٍ لِيَكُونَ الْأَصْلُ وَالثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا، أَوْ شَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ كَوْنَ الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ بَيْنَهُمَا.

(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ وَكَذَا) - أَيْ مِثْلُ دَفْعِ الشَّجَرِ مَعَ الْأَرْضِ - (دَفْعُ نَوَى نَحْوِ ثَمَرٍ) ؛ كَزَيْتُونٍ وَنَوَى (مِشْمِشٍ) مَعَ أَرْضٍ، وَيُعْمَلُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَنْبُتَ وَيَصِيرَ نَصْبًا، ثُمَّ يَصِيرُ شَجَرًا بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الثَّمَرِ أَوْ مِنْهُمَا. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

(وَالْمُزَارَعَةُ دَفْعُ أَرْضٍ وَحَبٍّ لِمَنْ يَزْرَعُهُ) وَيَقُومُ عَلَيْهِ، (أَوْ دَفْعُ حَبٍّ مَزْرُوعٍ يُنَمَّى) بِالْعَمَلِ (لِيَعْمَلَ عَلَيْهِ) الْمَدْفُوعُ لَهُ (بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمُتَحَصِّلِ) ، وَتُسَمَّى مُخَابَرَةً مِنْ الْخَبَارِ - بِفَتْحِ الْخَاءِ - وَهِيَ الْأَرْضُ اللَّيِّنَةُ وَمُوَاكَرَةً أَيْضًا، وَالْعَامِلُ فِيهَا خَبِيرٌ وَأَكَّارٌ وَمُوَاكِرٌ، وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهَا السُّنَّةُ. فَمِنْهَا مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ: «عَامَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَرْطِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ. ثَمَانُونَ وَسْقًا تَمْرًا وَعِشْرُونَ وَسْقًا شَعِيرًا» ، فَقَسَّمَ عُمَرُ خَيْبَرَ، فَخُيِّرَتْ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقْطِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>