نَظَرٌ؛ إذْ مَحِلُّ الرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ عُمَرَ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السَّبَبُ، أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ السَّبَبُ؛ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَيُعْمَلُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِمَا تَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَتَغَيَّرُ بِحَسَبِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ.
(وَهِيَ) - أَيْ: الْإِجَارَةُ - (وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْعَرَايَا وَالشُّفْعَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالسَّلَمُ وَالْجِعَالَةُ مِنْ الرُّخَصِ الْمُسْتَقَرِّ حُكْمُهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ) ؛ لِمَا فِي الشُّفْعَةِ مِنْ انْتِزَاعِ مِلْكِ إنْسَانٍ مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَلِمَا فِي الْكِتَابَةِ مِنْ اتِّحَادِ الْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعِ، وَلِمَا فِي الْبَاقِي مِنْ الْغَرَرِ، فَالْغَرَرُ فِي الْإِجَارَةِ؛ لِكَوْنِهَا عَقْدًا عَلَى مَنْفَعَةٍ لَمْ تُخْلَقْ، وَفِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ؛ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْعَقْدُ فِيهَا عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْعَامِلِ بِعِوَضٍ لَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ حَالَ الْعَقْدِ؛ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَوْجُودٍ، وَفِي الْعَرَايَا لِكَوْنِ الْبَيْعِ بِالْخَرْصِ: وَهُوَ مِنْ الْحِرْزِ وَالتَّخْمِينِ؛ فَهُوَ مَظِنَّةٌ، وَفِي السَّلَمِ؛ لِكَوْنِهِ لَا يُعْلَمُ أَيُوجَدُ الْمُسَلَّمُ فِيهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ لَا؟ وَفِي الْجِعَالَةِ؛ لِكَوْنِهِ لَا يُعْلَمُ أَيُتَمَّمُ مَا جُوعِلَ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ (وَالْأَصَحُّ لَا) ؛ أَيْ: لَيْسَ حُكْمُهَا مُسْتَقِرًّا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، بَلْ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ. قَالَ فِي " التَّنْقِيحِ ": وَالْأَصَحُّ عَلَى وَفْقِهِ، وَقَالَ فِي " الْفُرُوعِ " عَنْ الْإِجَارَةِ: وَقَدْ قِيلَ: هِيَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَالْأَصَحُّ لَا؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُخَصِّصْ الْعِلَّةَ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُ مُخَالَفَةُ قِيَاسٍ صَحِيحٍ، وَمَنْ خَصَّصَهَا، فَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّيْءُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ إذَا كَانَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ مَوْجُودًا فِيهِ، وَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ.
(وَتَنْعَقِدُ) الْإِجَارَةُ (بِلَفْظِ إجَارَةٍ وَ) لَفْظِ (كَرْيٍ) ؛ كَآجَرْتُكِ وَاسْتَكْرَيْتُكَ، وَاسْتَأْجَرْتُ وَاكْتَرَيْتُ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ مَوْضُوعَانِ لَهَا، وَتَنْعَقِدُ (بِمَا بِمَعْنَاهُمَا) ؛ كَأَعْطَيْتُكَ نَفْعَ هَذِهِ الدَّارِ، وَمَلَّكْتُكَهُ سَنَةً بِكَذَا؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute