(دَفَعَتْهُ لِنَحْوِ خَادِمِهَا) كَصَدِيقَتِهَا، (فَأَرْضَعَتْهُ؛ فَلَا أَجْرَ لَهَا) لِأَنَّهَا لَمْ تُوَفِّ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا، فَقَالَتْ: أَنَا أَرْضَعْتُهُ) ، وَأَنْكَرَ الْمُسْتَرْضِعُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ؛ فَالْقَوْلُ (قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ.
(وَ) قَالَ (فِي الْمُغْنِي ": لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ، فَكَانَ) ، الْأَجِيرُ (يَقْرَأُ الْقُرْآنَ حَالَ عَمَلِهِ، فَإِنْ ضَرَّ الْمُكْرِيَ) بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ (رَجَعَ) الْمُكْرِي (عَلَيْهِ) - أَيْ الْأَجِيرِ - (بِقِيمَةِ مَا فَوَّتَ عَلَيْهِ) مِنْ الْعَمَلِ بِسَبَبِ اشْتِغَالِهِ عَنْهُ بِالْقِرَاءَةِ.
(وَسُنَّ عِنْدَ فِطَامٍ لِمُوسِرٍ اسْتَرْضَعَ أَمَةً) لِوَلَدِهِ وَنَحْوِهِ (إعْتَاقُهَا) ، وَلِمُوسِرٍ اسْتَرْضَعَ (حُرَّةً) لِوَلَدِهِ (إعْطَاؤُهَا عَبْدًا أَوْ أَمَةً) ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذِمَّةَ الرَّضَاعِ؟ قَالَ: الْغُرَّةُ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (لَعَلَّ هَذَا فِي مُتَبَرِّعَةٍ) بِالرَّضَاعَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: - بِكَسْرِ الذَّالِ - مِنْ الذِّمَامِ، وَبِفَتْحِهَا مِنْ الذَّمِّ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنَّمَا خَصَّ الرَّقَبَةَ بِالْمُجَازَاةِ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا فِي إرْضَاعِهِ وَحَضَانَتِهِ سَبَبُ حَيَاتِهِ وَبَقَائِهِ وَحِفْظِ رَقَبَتِهِ، فَاسْتُحِبَّ جَعْلُ الْجَزَاءِ هِبَتَهَا رَقَبَةً؛ لِيُنَاسِبَ مَا بَيْنَ النِّعْمَةِ وَالشُّكْرِ، وَلِهَذَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُرْضِعَةَ أُمًّا، فَقَالَ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣] .
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا، فَيُعْتِقَهُ» .
وَأَمَّا كَوْنُهُ يُسْتَحَبُّ إعْتَاقُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْمُجَازَاةُ الَّتِي جَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُجَازَاةً لِلْوَلَدِ مِنْ النَّسَبِ.
(وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ زَوْجَتِهِ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ) ؛ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، (وَلَوْ) كَانَ وَلَدُهُ (مِنْهَا) ؛ (وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا لِأَجْلِ (حَضَانَتِهِ) - أَيْ: الْوَلَدِ - سَوَاءٌ كَانَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute