للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَحَرُمَ أَنْ تَسْتَرْضِعَ أَمَةٌ لِغَيْرِ وَلَدِهَا قَبْلَ رِيِّهِ) - أَيْ الْوَلَدِ - (لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْوَلَدِ وَلَيْسَ لِسَيِّدٍ إلَّا مَا فَضُلَ) عَنْ الْوَلَدِ مِنْ اللَّبَنِ، وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ يُؤَجِّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمَتَهُ - وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ - لِلْإِرْضَاعِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَمَنَافِعُهَا لَهُ، وَلَيْسَ لَهَا إجَارَةُ نَفْسِهَا لِرَضَاعٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مَنَافِعَهَا إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِ عَبْدِ سَيِّدِهَا؛ لَمْ يَجُزْ لَهُ إجَارَتُهَا لِلرَّضَاعِ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتًا لِحَقِّهِ، وَإِنْ أَجَّرَهَا السَّيِّدُ لِلرَّضَاعِ؛ صَحَّ النِّكَاحُ، وَلَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ بِالنِّكَاحِ؛ كَالْبَيْعِ، وَلِلزَّوْجِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَقْتَ فَرَاغِهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ، لِسَبْقِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ. .

(وَالْعَقْدُ) فِي الرَّضَاعِ (عَلَى الْحَضَانَةِ مِنْ) خِدْمَةِ الْمُرْتَضِعِ و (حَمْلِهِ) وَدُهْنِهِ (وَوَضْعِ ثَدْيٍ بِفِيهِ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَأَمَّا (اللَّبَنُ) فَهُوَ (تَبَعٌ) ؛ (كَصَبْغِ صَبَّاغٍ وَمَاءِ بِئْرٍ بِدَارٍ) ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ عَيْنٌ، فَلَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ إجَارَةٌ؛ كَلَبَنِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ.

قَالَ فِي " التَّنْقِيحِ " (وَالْأَصَحُّ) وُقُوعُ الْعَقْدِ عَلَى (اللَّبَنِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ دُونَ الْخِدْمَةِ، وَلِهَذَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ بِلَا خِدْمَةٍ؛ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ، وَلَوْ خَدَمَتْهُ بِلَا إرْضَاعٍ؛ فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] فَرَتَّبَ إيتَاءَ الْأَجْرِ عَلَى الْإِرْضَاعِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَوْ كَانَ عَلَى الْخِدْمَةِ؛ لَمَا لَزِمَهَا سَقْيُ لَبَنِهَا.

وَجَوَازُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ رُخْصَةٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ؛ لِضَرُورَةِ حِفْظِ الْآدَمِيِّ (لَا عَلَيْهِمَا) - أَيْ: الْحَضَانَةِ وَاللَّبَنِ - (خِلَافًا لَهُ) - أَيْ لِلْإِقْنَاعِ " فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الرَّضَاعِ الْحَضَانَةُ وَاللَّبَنُ.

قَالَ النَّاظِمُ:

وَفِي الْأَجْوَدِ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ دَرُّهَا ... وَالْإِرْضَاعُ لَا حَضْنٌ وَمَبْدَأُ مَقْصِدِ

(وَ) عَلَى الْأَصَحِّ (إنْ أُطْلِقَتْ) الْحَضَانَةُ؛ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِحَضَانَتِهِ، وَأَطْلَقَ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>