مَسَافَةٍ و (سُهُولَةٍ وَأَمْنٍ وَضِدِّهَا) - أَيْ فِي حُزُونَةٍ - وَخَوْفٍ، فَلَوْ كَانَتْ الطَّرِيقُ الَّتِي يَعْدِلُ إلَيْهَا أَقَلَّ ضَرَرًا؛ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى " جَازَ فِي الْأَكْثَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْحَاوِي الصَّغِيرِ " لِأَنَّ الْمَسَافَةَ عُيِّنَتْ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا الْمَنْفَعَةَ، وَيَعْلَمَ قَدْرَهَا بِهَا؛ فَلَمْ تَتَعَيَّنْ كَنَوْعِ الْمَحْمُولِ وَالرَّاكِبِ، (وَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ) فِي " الْمُغْنِي " جَوَازَ الْعُدُولِ إلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، (إنْ لَمْ يَكُنْ لِمُكْرٍ غَرَضٌ فِي) الْمَحَلِّ (الْأَوَّلِ) .
قَالَ وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ مَتَى كَانَ لِلْمُكْرِي غَرَضٌ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ، لَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهَا؛ (كَمُكْرٍ جِمَالَهُ لِمَكَّةَ لِيَحُجَّ مَعَهَا، أَوْ) إلَى (بَلَدٍ بِهِ أَهْلُهُ؛ فَلَا يَعْدِلُ مُكْتَرٍ لِغَيْرِهِ) ، وَلَوْ أَكْرَى جِمَالَهُ جُمْلَةً إلَى بَلَدٍ أُخْرَى، (وَيَتَّجِهُ تَصْوِيبُهُ) - أَيْ تَصْوِيبِ مَا قَالَهُ الْمُوَفَّقُ - وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَقَالَ: وَلَوْ أَكْرَى جِمَالَهُ إلَى بَغْدَادَ؛ لِكَوْنِ أَهْلِهِ بِهَا أَوْ بِبَلَدِ الْعِرَاقِ؛ لَمْ يَجُزْ الذَّهَابُ بِهَا إلَى مِصْرَ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْمَسَافَةَ لِغَرَضٍ فِي فَوَاتِهِ ضَرَرٌ؛ فَلَمْ يَجُزْ تَفْوِيتُهُ، كَمَا فِي حَقِّ الْمُكْرِي، فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ حَمَلَهُ إلَى غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي اُكْتُرِيَ إلَيْهِ؛ لَمْ يَجُزْ.
انْتَهَى.
وَإِنْ سَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ أَبْعَدَ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ إلَيْهِ، أَوْ سَلَكَ أَشَقَّ مِنْهُ؛ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ؛ لِتَعَدِّيهِ بِهِ قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَنْصُوصِ.
(وَمَنْ اكْتَرَى) بَعِيرًا وَنَحْوَهُ (لِمَكَّةَ؛ لَا يَرْكَبُ لِعَرَفَةَ) ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، (وَ) لَوْ اكْتَرَى (لِلْحَجِّ، فَلَهُ الرُّكُوبُ لِمَكَّةَ، ثُمَّ) الرُّكُوبُ مِنْ مَكَّةَ (لِعَرَفَةَ، ثُمَّ) الرُّكُوبُ (لِمَكَّةَ) لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ؛ (ثُمَّ) الرُّكُوبُ (لِمِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ بَعْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ بِلَا شَرْطٍ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ قَدْ انْقَضَى.
(وَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute