حَاجَتَهُ، وَيَتَطَهَّرَ، وَيُصَلِّيَ الْفَرْضَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، بِخِلَافِ نَحْوِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ مِمَّا يُمْكِنُهُ رَاكِبًا.
(وَلَا يَلْزَمُهُ) - أَيْ الْمُكْتَرِي - (قَصْرُ صَلَاةٍ بِطَلَبِ جَمَّالٍ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةٌ، (بَلْ يُخَفِّفُهَا) جَمْعًا بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ. (وَ) قَالَ (فِي " التَّرْغِيبِ ": وَعِدْلُ قُمَاشٍ عَلَى مُكْرٍ إنْ كَانَتْ) الْإِجَارَةُ (فِي الذِّمَّةِ) ، وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِي مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ إنْ كَانَ الْكَرْيُ عَلَى أَنْ يَذْهَبَ مَعَهُ الْمُكْتَرِي، فَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَتَسَلَّمَ الرَّاكِبُ الْبَهِيمَةَ لِيَرْكَبَهَا لِنَفْسِهِ؛ فَكُلُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ انْتَهَيَا. قَالَ فِي " الْإِقْنَاعِ ": وَهُوَ مُتَوَجَّهٌ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ لِقَوْلِهِمْ أَوَّلًا مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَوْ الْعُرْفُ.
قَالَ فِي شَرْحِ " الْإِقْنَاعِ ": قُلْت: حَتَّى لَوْ سَافَرَ مَعَهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ إلَّا مَا هُوَ الْعَادَةُ وَالْعُرْفُ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ.
فَائِدَةٌ: لَا يَلْزَمُ الرَّاكِبُ الْمَشْيَ الْمُعْتَادَ عِنْدَ قُرْبِ الْمَنْزِلِ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَصَوَّبَهُ فِي " الْإِنْصَافِ "، لَكِنَّ الْمُرُوءَةَ تَقْتَضِي فِعْلَ ذَلِكَ مِنْ الرَّاكِبِ الْقَوِيِّ حَيْثُ كَانَتْ الْعَادَةُ الْمَشْيَ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ؛ فَلَا يَلْزَمُهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا. (وَ) يَجِبُ (عَلَى مُكْتَرٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ، بَلْ إنْ أَرَادَهُ مُكْتَرٍ؛ فَمِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لِلْإِنْسَانِ شَيْءٌ عَلَى نَفْسِهِ، (مَحْمَلٌ) وَمَحَارَةٌ (وَمِظَلَّةٍ وَوِطَاءٍ فَوْقَ الرِّجْلِ وَحَبْلِ قِرَانٍ بَيْنَ الْجَمَلَيْنِ، وَ) أُجْرَةِ (دَلِيلٍ) إنْ جَهِلَا الطَّرِيقَ عَلَى مُكْتَرٍ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمُكْتَرِي، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الدَّابَّةِ وَآلَتِهَا؛ فَلَمْ يَلْزَمْ الْمُكْرِيَ كَالزَّادِ.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْمَحْمِلُ كَمَجْلِسٍ شُقَّتَانِ عَلَى الْبَعِيرِ يَحْمِلُ فِيهَا الْعَدِيلَانِ. قَالَ: وَالْمِظَلَّةُ - بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الظَّاءِ - الْكَبِيرُ مِنْ الْأَخْبِيَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute