بِهَا) - أَيْ: الْقَوْسِ الْفَارِسِيَّةِ نَصًّا - فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ أَنْوَاعُ الْقَوْسِ الَّتِي يَرْمِيَانِ بِهَا فِي الِابْتِدَاءِ؛ لَمْ يَصِحَّ، وَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى مَعَ رَجُلٍ قَوْسًا فَارِسِيَّةً، فَقَالَ: أَلْقِهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْقِسِيِّ الْعَرَبِيَّةِ وَبِرِمَاحِ الْقَنَا، فَبِهَا يُؤَيِّدُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، وَبِهَا يُمَكِّنُ اللَّهُ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ.» وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ
، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَعَنَهَا لِحَمْلِ الْعَجَمِ لَهَا فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا، وَمَنَعَ الْعَرَبَ مِنْ حَمْلِهَا؛ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ بِهَا.
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: تَحْدِيدُ الْمَسَافَةِ مَبْدَأً وَغَايَةً) بِأَنْ يَكُونَ لِابْتِدَاءِ عَدْوِهِمَا وَآخِرِهِ غَايَةٌ لَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ الْأَسْبَقِ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَسَاوِيهِمَا فِي الْغَايَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ مَا يَقْصُرُ فِي أَوَّلِ عَدْوِهِ، وَيُسْرِعُ فِي آخِرِهِ، وَبِالْعَكْسِ، فَيَحْتَاجُ إلَى غَايَةٍ تَجْمَعُ حَالَيْهِ، فَإِنْ اسْتَبَقَا بِلَا غَايَةٍ لِيَنْظُرَ أَيَّهُمَا يَقِفُ أَوَّلًا؛ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا يَقِفَ أَحَدُهُمَا حَتَّى يَنْقَطِعَ فَرَسُهُ، وَيَتَعَذَّرُ الْإِشْهَادُ عَلَى السَّبَقِ فِيهِ، وَأَمَّا فِي الْمُنَاضَلَةِ؛ فَلِأَنَّ الْإِصَابَةَ تَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ؛ فَاعْتُبِرَ تَحْدِيدُ (مَدَى رَمْيٍ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ) ، وَلَا يُعْرَفُ مَدَى الرَّمْيِ إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ، نَحْوُ مِنْ هُنَا إلَى هُنَا، أَوْ بِالذِّرَاعِ كَمِائَةِ ذِرَاعٍ، (أَوْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ) ، وَمَا لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ، (فَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ؛ لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِتَعَذُّرِ الْإِصَابَةِ فِيهِ غَالِبًا، وَلِأَنَّهُ يَفُوتُ بِهِ الْغَرَضُ الْمَقْصُودُ بِالرَّمْيِ، قِيلَ إنَّهُ مَا رَمَى أَرْبَعَمِائَةِ ذِرَاعٍ إلَّا عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ؛ كَمَا لَا يَصِحُّ (تَنَاضُلُهُمَا عَلَى أَنَّ السَّبَقَ لِأَبْعَدِهِمَا رَمْيًا) ؛ لِعَدَمِ تَحْدِيدِ الْغَايَةِ.
الشَّرْطُ (الرَّابِعُ: عِلْمُ عِوَضٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ فِي عَقْدٍ، فَوَجَبَ الْعِلْمُ بِهِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَيُعْلَمُ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ أَوْ الْقَدْرِ إذَا كَانَ بِالْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ أَوْ أَغْلَبُ، وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ ذِكْرُ الْقَدْرِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ.
(وَإِبَاحَتُهُ) - أَيْ: الْعِوَضِ - لِمَا تَقَدَّمَ، (وَهُوَ) - أَيْ بَذْلُ الْعِوَضِ الْمَذْكُورِ - (تَمْلِيكٌ) لِلسَّابِقِ (بِشَرْطِ سَبْقِهِ) ، فَلِهَذَا قَالَ فِي " الِانْتِصَارِ " فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ: لَا يَصِحُّ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute