للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ فِي شَرْحِ " الْإِقْنَاعِ ": قُلْتُ: فِي كَلَامِهِمْ أَنَّهُ جَعَالَةٌ، فَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ التَّمْلِيكِ الْمُعَلَّقِ عَلَى شَرْطٍ مَحْضٍ، (وَيَجُوزُ حُلُولُهُ) - أَيْ: الْعِوَضِ - (وَتَأْجِيلُهُ) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ؛ كَالثَّمَنِ وَالصَّدَاقِ.

الشَّرْطُ (الْخَامِسُ: الْخُرُوجُ) بِالْعِوَضِ (عَنْ شَبَهِ قِمَارٍ) ؛ لِأَنَّ الْقِمَارَ مُحَرَّمٌ، وَهُوَ - بِكَسْرِ الْقَافِ - مَصْدَرُ قَامَرَهُ فَقَمَرَهُ إذَا رَاهَنَهُ فَغَلَبَهُ؛ (بِأَنْ لَا يُخْرِجَ جَمِيعُهُمْ) الْعِوَضَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ؛ فَهُوَ قِمَارٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَغْنَمَ أَوْ يَغْرَمَ، وَمَنْ لَمْ يُخْرِجْ بَقِيَ سَالِمًا مِنْ الْغُرْمِ.

(فَإِنْ كَانَ) الْجُعْلُ (مِنْ الْإِمَامِ) مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى أَنْ مَنْ سَبَقَ فَهُوَ لَهُ؛ جَازَ؛

لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً

وَحَثًّا عَلَى تَعْلِيمِ الْجِهَادِ وَنَفْعًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْإِخْرَاجَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مُخْتَصٌّ بِالْإِمَامِ؛ لِتَوَلِّيهِ الْوِلَايَةَ؛ (أَوْ) كَانَ الْجُعْلُ مِنْ (غَيْرِهِ) - أَيْ: الْإِمَامِ - عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ، فَهُوَ لَهُ؛ جَازَ؛ لِمَا

فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ

وَالْقُرْبَةِ؛ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ سِلَاحًا أَوْ خَيْلًا، (أَوْ) كَانَ الْجُعْلُ (مِنْ أَحَدِهِمَا) - أَيْ الْمُتَسَابِقَيْنِ: - أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْهُمْ إذَا كَثُرُوا، وَثَمَّ مَنْ لَمْ يُخْرِجْ (عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ أَخَذَهُ؛ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ بَدَلُهُ مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ مِنْ بَعْضِهِمْ، (فَإِنْ جَاءَا) - أَيْ: الْمُتَسَابِقَانِ - مُنْتَهَى الْغَايَةِ (مَعًا؛ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا) مِنْ الْجُعْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ.

(وَإِنْ سَبَقَ مُخْرِجُ) الْعِوَضِ مِنْ الْمُتَسَابِقَيْنِ (أَحْرَزَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا، كَانَ قِمَارًا.

(وَإِنْ سَبَقَ الْآخَرُ) الَّذِي لَمْ يُخْرِجْ؛ (أَحْرَزَ سَبَقَ) - بِفَتْحِ الْبَاءِ - (صَاحِبِهِ) ، فَمَلَكَهُ، وَكَانَ كَسَائِرِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي الْجَعَالَةِ، فَمُلِّكَ فِيهَا كَالْعِوَضِ الْمَجْعُولِ فِي رَدِّ الضَّالَّةِ، فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ؛ فَهُوَ دَيْنٌ يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ أَفْلَسَ ضَرَبَ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، (وَإِنْ أَخْرَجَا) - أَيْ: الْمُتَسَابِقَانِ - (مَعًا؛ لَمْ يَجُزْ) ، تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاضَلَا؛ لِأَنَّهُ قِمَارٌ؛ إذْ لَا يَخْلُو كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ أَنْ يَغْنَمَ أَوْ يَغْرَمَ (إلَّا بِمُحَلِّلٍ لَا يُخْرِجُ شَيْئًا) ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>