للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا) يَضْمَنُ مُسْتَعِيرٌ (زِيَادَةً مُتَّصِلَةٍ حَصَلَتْ) - أَيْ: حَدَثَتْ فِي مُعَارَةٍ (عِنْدَهُ) ، ثُمَّ تَلِفَتْ؛ لِعَدَمِ وُرُودِ عَقْدِ الْعَارِيَّةِ عَلَيْهَا، (وَيَضْمَنُ) مُسْتَعِيرٌ (زِيَادَةً) كَانَتْ مَوْجُودَةً (عِنْدَ عَقْدٍ؛ كَسِمَنٍ زَالَ عِنْدَ مُسْتَعِيرٍ) ؛ لِتَلَفِهِ تَحْتَ يَدِهِ.

قَالَ فِي شَرْحِ " الْإِقْنَاعِ ": قُلْتُ: إنْ لَمْ تَذْهَبْ فِي الِاسْتِعْمَالِ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ بِمُرُورِ الزَّمَانِ.

وَ (لَا) يَضْمَنُ مُسْتَعِيرٌ (إنْ بَلِيَتْ هِيَ) - أَيْ: الْعَارِيَّة - (أَوْ) بَلِيَ (جُزْؤُهَا بِاسْتِعْمَالِهَا بِمَعْرُوفٍ) كَخَمْلِ مِنْشَفَةٍ وَطِنْفَسَةٍ بِكِسْرَتَيْنِ فِي اللُّغَةِ الْعَالِيَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: ابْنُ السِّكِّيتِ، وَفِي لُغَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهِيَ بِسَاطٌ لَهُ خَمْلٌ رَقِيقٌ (فِيمَا اُسْتُعِيرَتْ لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الِاسْتِعْمَالِ تَضَمَّنَ الْإِذْنَ فِي الْإِتْلَافِ الْحَاصِلِ بِهِ، وَمَا أُذِنَ فِي إتْلَافِهِ لَا يُضْمَنُ؛ كَالْمَنَافِعِ.

قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: فَعَلَى هَذَا لَوْ مَاتَتْ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمَعْرُوفِ؛ فَلَا ضَمَانَ. قَالَ فِي حَاشِيَةِ " الْإِقْنَاعِ ": فِي التَّفْرِيعِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا بِهِ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيمَنْ أَرْكَبَ دَابَّتَهُ مُنْقَطِعًا لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَضْمَنُ إذْ أُتْلِفَتْ تَحْتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا، (فَإِنْ حَمَلَ) الْمُسْتَعِيرُ (فِي الْقَمِيصِ تُرَابًا) ، فَتَلِفَ؛ ضَمِنَهُ، (أَوْ) حَمَلَ فِيهِ (قُطْنًا) ، فَتَلِفَ؛ ضَمِنَهُ، (أَوْ اسْتَظَلَّ بِالْبِسَاطِ مِنْ الشَّمْسِ) ، فَتَلِفَ؛ (ضَمِنَ؛ لِتَعَدِّيهِ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ مَا اسْتَعَارَهُ فِي غَيْرِ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ مِثْلُهُ.

(وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُسْتَعِيرٍ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَعَدِّيهِ) الِاسْتِعْمَالَ الْمَعْهُودَ بِالْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ.

(وَيَجِبُ) عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (رَدُّ) الْعَارِيَّة (بِطَلَبِ مَالِكٍ) لَهُ بِالرَّدِّ، وَلَوْ لَمْ يَنْقَضِ غَرَضُهُ مِنْهَا، أَوْ يَمْضِي الْوَقْتُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ هُوَ الْمُسَلِّطُ لِحَبْسِ الْعَيْنِ - وَقَدْ انْقَطَعَ بِالطَّلَبِ - وَيَجِبُ الرَّدُّ أَيْضًا (بِانْقِضَاءِ غَرَضٍ) مِنْ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْحَبْسِ - وَقَدْ زَالَ - (أَوْ انْتِهَاءِ مُدَّةٍ) إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُؤَقَّتَةً؛ لِانْتِهَائِهَا، (أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) - أَيْ: الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ - لِبُطْلَانِ الْعَارِيَّةِ بِذَلِكَ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>