(وَلَوْ) أَخْرَجَهَا (لِغَيْرِ حَاجَةٍ) ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَهُ الْحِرْزَ إذْنٌ فِيمَا هُوَ مِثْلُهُ؛ كَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِ حِنْطَةٍ؛ فَلَهُ زَرْعُهَا وَزَرْعُ مِثْلِهَا فِي الضَّرَرِ، وَاقْتِضَاءُ الْإِذْنِ فِيمَا هُوَ أَحْفَظُ مِنْ بَابِ أَوْلَى؛ كَزَرْعِ مَا هُوَ دُونَ الْحِنْطَةِ، (أَوْ زَادَهَا إقْفَالًا) ؛ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا.
(وَلَوْ نَهَاهُ) عَنْ إحْرَازِهَا بِمِثْلِ الْمُعَيَّنِ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ عَنْ نَقْلِهَا مِمَّا عَيَّنَ لَهُ أَوْ عَنْ زِيَادَةِ الْإِقْفَالِ، وَفَعَلَ؛ (لَا يَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُفَرِّطًا. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْجَعْلِ أَوَّلًا فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَبَيْنَ النَّقْلِ إلَيْهِ.
(وَلَوْ تَلِفَتْ) الْوَدِيعَةُ (بِسَبَبِ نَقْلٍ كَانْهِدَامِ مَا) - أَيْ مَحَلٍّ نُقِلَتْ إلَيْهِ - ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ خِلَافًا لِصَاحِبِ " التَّلْخِيصِ " وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي بَيْتِ صَاحِبِهَا، فَقَالَ الْآخَرُ (احْفَظْهَا بِبَيْتِي مَوْضِعَهَا) ، وَلَا تَنْقُلْهَا (فَنَقَلَهَا) مِنْ مَوْضِعِهَا (لَا لِخَوْفٍ) عَلَيْهَا ضَمِنَهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَدِيعٍ بَلْ وَكِيلٌ فِي حِفْظِهَا، فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ مِلْكِ صَاحِبِهَا وَلَا مِنْ مَوْضِعٍ اسْتَأْجَرَهُ لَهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا، فَعَلَيْهِ إخْرَاجُهَا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا.
وَقَدْ تَعَيَّنَ حِفْظُهَا فِي إخْرَاجِهَا، وَيَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهَا لَوْ حَضَرَ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَخْرَجَهَا، وَلِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا عَلَى صِفَةٍ، فَإِذَا تَعَذَّرَتْ الصِّفَةُ لَزِمَهُ حِفْظُهَا؛ كَالْمُسْتَوْدَعِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا (وَإِذَا نَهَاهُ) ؛ أَيْ: نَهَى الْمُودِعُ الْوَدِيعَ (عَنْ إخْرَاجِهَا) مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِحِفْظِهَا (فَأَخْرَجَهَا) وَدِيعٌ مِنْهُ (لِحِرْزِ مِثْلٍ أَوْ) لِحِرْزٍ (أَعْلَى) مِنْ حِرْزِ الْمِثْلِ (أَوْ) لِحِرْزٍ (دُونَهُ لِعُذْرٍ) بِأَنْ تَعَذَّرَ وُجُودُ حِرْزٍ خَيْرٍ مِنْهُ، (وَيَلْزَمُهُ) إخْرَاجُهَا، فَأَخْرَجَهَا (لِغَشَيَانِ) نَارٍ أَوْ سَيْلٍ أَوْ (شَيْءٍ الْغَالِبُ مِنْهُ) التَّوَى بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ: (الْهَلَاكُ) - فَتَلِفَتْ؛ (لَمْ يَضْمَنْ) مَا تَلِفَ بِنَقْلِهَا.
ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ، لِأَنَّهُ إذَنْ أَحْفَظُ وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ سِوَاهُ (وَإِنْ تَرَكَهَا) فِي الْحِرْزِ الَّذِي عَيَّنَهُ رَبُّهَا (إذَنْ) أَيْ مَعَ غَشَيَانِ مَا الْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكُ، فَتَلِفَتْ؛ ضَمِنَ سَوَاءٌ تَلِفَتْ بِالْأَمْرِ الْمَخُوفِ أَوْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِهِ، (أَوْ أَخْرَجَهَا) - أَيْ: الْوَدِيعَةَ - مِنْ الْمَكَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute