عُرْفًا) ؛ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِيدَاعِ الْحِفْظُ، وَالِاسْتِيدَاعُ الْتِزَامُ ذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ يَحْفَظْهَا لَمْ يَفْعَلْ مَا الْتَزَمَهُ (كَحِرْزِ سَرِقَةٍ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بِالْحِفْظِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ ": مَنْ اُسْتُوْدِعَ شَيْئًا حَفِظَهُ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ عَاجِلًا مَعَ الْقُدْرَةِ، وَإِلَّا ضَمِنَ.
وَإِنْ شَرَطَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ ضَمَانَهَا عَلَى الْوَدِيعِ؛ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَلَمْ يَضْمَنْهَا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ؛ فَلَمْ يَصِحَّ. أَوْ قَالَ الْوَدِيعُ: أَنَا ضَامِنٌ لِلْوَدِيعَةِ؛ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْأَمَانَاتِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَكَذَلِكَ مَا أَصْلُهُ الْأَمَانَةُ كَالرَّهْنِ وَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ وَالْمُوصَى بِنَفْعِهَا، فَلَا يَصِحُّ شَرْطُ ضَمَانِهَا وَلَا ضَمَانُهَا.
(وَلَا يَضُرُّ نَقْلُهَا) - أَيْ: الْوَدِيعَةِ (مِنْ حِرْزِ مِثْلِهَا) لِحِرْزِ (مِثْلِهِ) - أَيْ: مِثْلِ الْحِرْزِ الْأَوَّلِ - (وَلَوْ) نَقَلَهَا إلَى حِرْزٍ (دُونَ) الْحِرْزِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا رَدَّ حِفْظَهَا إلَى رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ، وَأَذِنَ لَهُ فِي إحْرَازِهَا بِمَا شَاءَ مِنْ إحْرَازِ مِثْلِهَا، وَلِهَذَا لَوْ تَرَكَهَا فِي الثَّانِي أَوَّلًا؛ لَمْ يَضْمَنْهَا، فَكَذَلِكَ إذَا نَقَلَهَا إلَيْهِ، (فَإِنْ عَيَّنَهُ) - أَيْ: الْحِرْزَ (رَبُّهَا) - أَيْ: الْوَدِيعَةِ - بِأَنْ قَالَ: احْفَظْهَا بِهَذَا الْبَيْتِ أَوْ الْحَانُوتِ، (فَأَحْرَزَهَا بِدُونِهِ) - أَيْ: دُونِ الْمُعَيَّنِ رُتْبَةً فِي الْحِفْظِ -.
(وَيَتَّجِهُ وَلَوْ أَنَّهُ) - أَيْ: الْحِرْزَ الَّذِي جَعَلَهَا فِيهِ - (حِرْزُ مِثْلِهَا) ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، فَضَاعَتْ، (ضَمِنَ) لِأَنَّهُ خَالَفَ الْمَالِكَ فِي حِفْظِ مَالِهِ، وَلِأَنَّ بُيُوتَ الدَّارِ تَخْتَلِفُ، فَمِنْهَا مَا هُوَ أَسْهَلُ نَقْبًا وَنَحْوُهُ مِمَّا لَهُ أَثَرٌ؛ فَيَضْمَنُهَا بِوَضْعِهَا فِي غَيْرِهِ.
(وَلَوْ رَدَّهَا) لِلْحِرْزِ (الْمُعَيَّنِ) بَعْدَ ذَلِكَ وَتَلِفَتْ فِيهِ؛ فَيَضْمَنُهَا؛ لِتَعَدِّيهِ بِوَضْعِهَا فِي الدُّونِ، فَلَا تَعُودُ أَمَانَةً إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، (وَ) إنْ أَحْرَزَهَا (بِمِثْلِهِ) - أَيْ: بِحِرْزٍ مِثْلِ الَّذِي عَيَّنَهُ صَاحِبُهَا فِي الْحِفْظِ - (أَوْ) أَحْرَزَهَا بِحِرْزٍ (فَوْقَهُ) ؛ لَمْ يَضْمَنْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute