فِي التَّصَرُّفِ بِغَيْرِ الْحِفْظِ، وَيَكْفِي الْقَبْضُ قَبُولًا لِلْوَدِيعَةِ؛ كَالْوَكَالَةِ.
(وَيُعْتَبَرُ لَهَا) - أَيْ: لِلْوَدِيعَةِ لِعَقْدِهَا - (أَرْكَانُ وَكَالَةٍ) ؛ أَيْ: مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا مِنْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا جَائِزَ التَّصَرُّفِ، وَتَعْيِينِ وَدِيعٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْهَا.
(وَتَبْطُلُ) الْوَدِيعَةُ (بِمَا تَبْطُلُ بِهِ وَكَالَةٌ) ، إلَّا إذَا عَزَلَهُ الْمَالِكُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَزْلِهِ، وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ؛ فَهِيَ بِيَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَانَةً حُكْمُهَا فِي يَدِهِ حُكْمُ الثَّوْبِ إذَا أَطَارَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ يَجِبُ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ
(وَيُسْتَحَبُّ قَبُولُهَا) - أَيْ: الْوَدِيعَةِ - (لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْأَمَانَةَ) ؛ أَيْ: أَنَّهُ ثِقَةٌ قَادِرٌ عَلَى حِفْظِهَا؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» . قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ إلَّا بِرِضَى رَبِّهَا، قَالَ فِي شَرْحِ " الْإِقْنَاعِ ": وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَعْدَ إعْلَامِهِ بِذَلِكَ إنْ كَانَ لَا يَعْلَمُهُ لِئَلَّا يَغُرَّهُ.
(وَهِيَ) - أَيْ: الْوَدِيعَةُ - (أَمَانَةٌ) بِيَدِ الْمُودِعَ (لَا تُضْمَنُ) ؛ أَيْ: لَا يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أُودِعَ وَدِيعَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
، وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَحْفَظُهَا لِمَالِكِهَا، فَلَوْ ضُمِنَتْ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا، وَذَلِكَ مُضِرٌّ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (بِلَا تَعَدٍّ) مِنْ الْوَدِيعِ (أَوْ تَفْرِيطٍ) - أَيْ: تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ - فَيَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ مُتْلِفٌ لِمَالِ غَيْرِهِ، فَضَمِنَهُ؛ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ مِنْ غَيْرِ إيدَاعٍ، وَالْمُفَرِّطُ مُتَسَبِّبٌ بِتَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِهَا.
(وَلَوْ تَلِفَتْ مِنْ بَيْنِ مَالِهِ) سَوَاءٌ ذَهَبَ مَعَهَا مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ أَوْ لَا، وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ ضَمَّنَ أَنَسًا وَدِيعَةً ذَهَبَتْ مِنْ بَيْنِ مَالِهِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّفْرِيطِ.
(وَيَلْزَمُهُ) - أَيْ: الْوَدِيعَ - (حِفْظُهَا) - أَيْ: الْوَدِيعَةِ - بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً كَزَوْجَةٍ وَعَبْدٍ كَمَا يَحْفَظُ مَالَهُ (فِي حِرْزِ مِثْلِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute