وَيَأْتِي بَيَانُهُ.
وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهِ حَدِيثُ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَحَدِيثُ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَعَنْ عَائِشَةَ مِثْلُهُ رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْ أَسْمَرَ بْنِ مُضَرِّسٍ قَالَ: «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَايَعْتُهُ، فَقَالَ: مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ. قَالَ: فَخَرَجَ النَّاسُ يَتَعَادَوْنَ يَتَخَاطُّونَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «الْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ وَالْبِلَادُ بِلَادُ اللَّهِ فَمَنْ أَحْيَا مِنْ مَوَاتِ الْأَرْضِ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": وَعَامَّةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْمَوَاتَ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي شَرْطِهِ. (فَيُمْلَكُ بِإِحْيَاءِ كُلِّ مَا) - أَيْ: مَوَاتٍ - (لَمْ يَجُرَّ عَلَيْهِ بَيْنَ مِلْكِ مَعْصُومٍ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ عِمَارَةٌ) .
قَالَ فِي " الْمُغْنِي " بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ الْقَائِلِينَ بِالْإِحْيَاءِ انْتَهَى.
وَنَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ فِي أَرْضٍ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ لَيْسَ فِيهَا مَزَارِعُ وَلَا عُيُونٌ وَأَنْهَارٌ تَزْعُمُ كُلُّ قَرْيَةٍ أَنَّهَا لَهُمْ؛ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لِهَؤُلَاءِ وَلَا لِهَؤُلَاءِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُمْ أَحْيَوْهَا، فَمَنْ أَحْيَاهَا فَلَهُ، وَمَعْنَاهُ نَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ الْخَرَابُ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِيهِ أَثَرُ عِمَارَةٍ تَتَحَقَّقُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ (مَلَكَهُ مَنْ لَهُ حُرْمَةٌ) مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ، (أَوْ) مَلَكَهُ مَنْ (شُكَّ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - (فِيهِ) - أَيْ: فِي مَنْ كَانَ مَالِكًا لَهُ - هَلْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ حُرْمَةٌ أَوْ لَا؟ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ، (فَإِنْ وُجِدَ) مَالِكُهُ أَوْ وُجِدَ (أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ لَمْ يُمْلَكْ بِإِحْيَاءٍ) .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَا عُرِفَ بِمِلْكِ مَالِكٍ غَيْرِ مُنْقَطِعٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ لِأَحَدٍ غَيْرِ أَرْبَابِهِ. انْتَهَى.
(وَكَذَا إنْ جَهِلَ) مَالِكَهُ بِأَنْ لَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِجَرَيَانِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ لِذِي حُرْمَةٍ، فَلَا يَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ نَصًّا عَلَيْهِ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ» . وَهَذِهِ مَمْلُوكَةٌ، وَلِأَنَّ هَذَا مَكَانٌ مَمْلُوكٌ، فَلَمْ يُمْلَكْ بِإِحْيَاءٍ؛ كَمَا لَوْ كَانَ مَالِكُهُ مُعَيَّنًا، (وَإِنْ عَلِمَ) مَالِكَهُ وَأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute