مَاتَ، (وَلَمْ يُعَقِّبْ) ذُرِّيَّةً وَلَا وَارِثًا؛ لَمْ يَمْلِكْ أَيْضًا بِالْإِحْيَاءِ (وَأَقْطَعَهُ الْإِمَامُ) لِمَنْ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ فَيْءٌ.
(وَإِنْ مَلَكَ بِإِحْيَاءٍ ثُمَّ تَرَكَ حَتَّى دَثَّرَ، وَعَادَ مَوَاتًا؛ لَمْ يَمْلِكْ بِإِحْيَاءٍ إنْ كَانَ لِمَعْصُومٍ) بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَ الْأَصْحَابِ؛ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً لَيْسَتْ لِأَحَدٍ» .
وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِحَدِيثِ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ» وَلِأَنَّ مِلْكَ الْمُحْيِي أَوَّلًا وَلَمْ يَزُلْ عَنْهَا بِالتَّرْكِ بِدَلِيلِ سَائِرِ الْأَمْلَاكِ، (وَإِنْ عُلِمَ مِلْكُهُ) - أَيْ: الدَّارِسِ الْخَرَابِ - (لِمُعَيَّنٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ) بِأَنْ كَانَ لِكَافِرٍ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَلَا أَمَانَ، (فَإِنْ) كَانَ (أَحْيَاهُ بِدَارِ حَرْبٍ وَانْدَرَسَ كَانَ) ذَلِكَ (كَمَوَاتٍ أَصْلِيٍّ) ؛ أَيْ: فَيَمْلِكُهُ مَنْ يُحْيِيهِ، لِأَنَّ مِلْكَ مَنْ لَا عِصْمَةَ لَهُ كَعَدَمِهِ، (وَإِنْ) لَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَرُ مِلْكٍ (تُرُدِّدَ فِي جَرَيَانِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ) ؛ مَلَكَ الْإِحْيَاءَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَرَيَانِ الْمِلْكِ فِيهِ، (أَوْ كَانَ بِهِ) - أَيْ: الْخَرَابِ - (أَثَرُ مِلْكٍ غَيْرِ جَاهِلِيٍّ كَالْخَرِبِ) - بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْعَكْسِ - وَكِلَاهُمَا جَمْعُ خِرْبَةٍ - بِسُكُونِ الرَّاءِ - وَهِيَ مَا تَهَدَّمَ مِنْ الْبُنَيَّانِ (الَّتِي ذَهَبَتْ أَنْهَارُهَا وَانْدَرَسَتْ آثَارُهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ لَهَا مَالِكٌ) الْآنَ؛ مَلَكَ بِالْإِحْيَاءِ؛ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْحَرْبِ.
وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ وَأَبُو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ وَالْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ، وَلِأَنَّ عَامِرَ دَارِ الْحَرْبِ إنَّمَا يُمْلَكُ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ، أَوْ كَانَ بِهِ أَثَرُ مِلْكٍ (جَاهِلِيٍّ قَدِيمٍ) كَدِيَارِ عَادٍ وَآثَارِ الرُّومِ؛ فَيَمْلِكُهُ مَنْ أَحْيَاهُ لِمَا سَبَقَ، أَوْ كَانَ بِهِ أَثَرُ مِلْكٍ جَاهِلِيٍّ (قَرِيبٍ؛ مُلِكَ بِإِحْيَاءٍ) ؛ لِأَنَّ أَثَرَ الْمِلْكِ الَّذِي بِهِ لَا حُرْمَةَ لَهُ.
(قَالَ الْحَارِثِيُّ: مَسَاكِنُ) دِيَارِ ( [ثَمُودَ] لَا تُمْلَكُ؛ لِعَدَمِ دَوَامِ الْبُكَاءِ مَعَ السُّكْنَى) [وَمَعَ الِانْتِفَاعِ] عَلَى رِوَايَةٍ، الْأَظْهَرُ خِلَافُهَا.
قَالَ الشَّارِحُ: النَّوْعُ الثَّانِي مَا يُوجَدُ فِيهِ آثَارُ مِلْكٍ قَدِيمٍ جَاهِلِيٍّ كَآثَارِ الرُّومِ وَمَسَاكِنِ ثَمُودٍ وَنَحْوِهِمْ؛ فَهَذَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ فِي أَظْهَرْ الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute