أَيْ: تَزَاحُمٍ - (يُسْقَى آدَمِيٌّ) أَوَّلًا لِحُرْمَتِهِ. (فَحَيَوَانٌ) ؛ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً (فَزُرِعَ) بَعْدَهُمَا.
(وَ) إنْ حَفَرَ الْبِئْرَ فِي مَوَاتٍ (ارْتِفَاقًا) ؛ أَيْ: لِيَرْتَفِقَ هُوَ بِهَا كَحَفْرِ (السِّفَارَةِ) فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ بِئْرًا لِيَرْتَفِقُوا بِمَائِهَا وَكَحَفْرِ الْمُنْتَجَعَيْنِ كَالْأَعْرَابِ وَالتُّرْكُمَانِ يَنْتَجِعُونَ أَرْضًا فَيَحْفِرُونَ (لِشَرْعِهِمْ، وَ) لِشُرْبِ (دَوَابِّهِمْ؛ فَهُمْ) - أَيْ: الْحَافِرُونَ لَهَا (أَحَقُّ بِمَائِهَا مَا أَقَامُوا) - أَيْ: مُدَّةَ إقَامَتِهِمْ عَلَيْهَا - وَلَا يَمْلِكُونَهَا، (وَعَلَيْهِمْ) - أَيْ: الْحَافِرِينَ لَهَا - (بَذْلُ فَاضِلٍ) عَنْهُمْ مِنْ مَائِهَا (لِشَارِبٍ) فَقَطْ دُونَ نَحْوِ زَرْعٍ. قَالَهُ فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " وَتَبِعَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " التَّرْغِيبِ " وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْفُرُوعِ "، (وَبَعْدَ رَحِيلِهِمْ) عَنْ الْبِئْرِ (يَكُونُ) مَاؤُهَا (سَابِلَةً لِلْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِمَّنْ يَحْفِرُهَا أَحَقَّ مِنْ الْآخَرِ (فَإِنْ عَادُوا) إلَيْهَا (كَانُوا أَحَقَّ بِهَا) مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْفِرُوهَا إلَّا لِأَجْلِ أَنْفُسِهِمْ، وَمِنْ عَادَتِهِمْ الرَّحِيلُ وَالرُّجُوعُ، فَلَمْ تَزُلْ أَحَقِّيَّتُهُمْ بِذَلِكَ.
اخْتَارَ ذَلِكَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَصَوَّبَهُ فِي " الْإِنْصَافِ ".
(وَ) إنْ حَفَرَ إنْسَانٌ بِئْرًا فِي مَوَاتٍ (تَمَلُّكًا فَهِيَ مِلْكٌ لِحَافِرٍ) ؛ كَمَا لَوْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ الْحَيِّ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " جَزَمَ بِهِ الْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُ.
تَتِمَّةٌ: لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْتَسْقِيَ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي لِشُرْبِهِ وَطَهَارَتِهِ وَغَسْلِ ثِيَابِهِ وَانْتِفَاعِهِ بِهِ فِي أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُؤْثَرُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ إلَيْهِ فِي مَكَان مَحُوطٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ ابْنَ السَّبِيلِ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَأَمَّا مَا يُؤْثَرُ فِيهِ كَسَقْيِ الْمَاشِيَةِ الْكَثِيرَةِ، فَإِنَّ فَضْلَ الْمَاءِ عَنْ حَاجَةِ صَاحِبِهِ؛ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: الْفَضْلُ الْوَاجِبُ بَذْلُهُ مَا فَضَلَ عَنْ شَفَتِهِ وَشَفَةِ عِيَالِهِ وَعَجِينِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute