حَرَامٌ، وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ؛ فَلَمْ تُمْلَكْ بِمِلْكِهَا كَالْكَنْزِ.
(وَمَا فَضَلَ مِنْ مَائِهِ) الَّذِي فِي قَرَارِ الْعَيْنِ أَوْ فِي قَرَارِ الْبِئْرِ، وَلَمْ يُحْزِهِ (عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ عِيَالِهِ وَمَاشِيَتِهِ وَزَرْعِهِ يَجِبُ بَذْلُهُ لِبَهَائِمِ غَيْرِهِ) ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ، وَيَجِبُ بَذْلُهُ لِزَرْعِهِ - أَيْ: غَيْرِهِ - عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ فَضْلَ مَا يُمْنَعُ بِهِ الْكَلَأُ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الْكَلَإِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «مَنْ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ أَوْ فَضْلَ كَلَئِهِ مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَلَا يَتَوَعَّدُ عَلَى مَا يَحِلُّ (مَا لَمْ يَجِدْ) رَبُّ الْبَهَائِمِ وَالزَّرْعِ مَاءً (مُبَاحًا) فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُسْتَغْنِيًا بِهِ، وَلِأَنَّ الْخَبَرَ ظَاهِرٌ فِي اخْتِصَاصِهِ بِمَحِلِّ الْحَاجَةِ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةً لَمْ يَجِبْ الْبَذْلُ (أَوْ يَتَضَرَّرُ بِهِ) الْبَاذِلُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ مَمْنُوعٌ شَرْعًا (أَوْ يُؤْذِهِ) طَالِبُ الْمَاءِ (بِدُخُولِهِ) إلَيْهَا.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إلَّا أَنْ يُؤْذِيَهُ بِالدُّخُولِ، أَوْ يَكُونَ لَهُ (فِيهِ) - أَيْ: الْبِئْرِ - (مَاءُ السَّمَاءِ، أَوْ يَخَافُ عَطَشًا؛ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْحِيَازَةِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ؛ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ، بِخِلَافِ الْعَدُوِّ، وَكَذَا لَوْ حَازَ الْمَاءَ الْعَدَّ فِي إنَاءٍ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لِغَيْرِهِ إلَّا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ بِشَرْطِهِ، وَإِذَا خِيفَ الْأَذَى بِوُرُودِ الْمَاشِيَةِ الْمَاءَ، بَعْدَ الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَةِ رَبِّ أَرْضِهِ، فَيَجُوزُ لِرُعَاتِهَا سَوْقُ فَضْلِ الْمَاءِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِيلًا لِلْمَقْصُودِ بِلَا مَفْسَدَةٍ، وَلَا يَلْزَمُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بَذْلُ الْمَاءِ بَذْلَ حَبْلٍ وَدَلْوٍ وَبُكْرَةٍ؛ لِأَنَّهَا تُتْلَفُ بِالِاسْتِعْمَالِ أَشْبَهَتْ بَقِيَّةَ مَالٍ، لَكِنْ إنْ اُضْطُرَّ بِلَا ضَرَرٍ عَلَى رَبِّهَا؛ لَزِمَهُ بَذْلُهَا.
(وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا) بِأَرْضٍ (مَوَاتٍ لِلسَّابِلَةِ) ؛ أَيْ: لِنَفْعِ الْمُجْتَازِينَ، (فَحَافِرٌ كَغَيْرِهِ) مِنْ الْمُجْتَازِينَ بِهَا؛ كَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا، (فِي سَقْيٍ وَزَرْعٍ وَشُرْبٍ) . قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّ الْحَافِرَ لَمْ يَخُصَّ بِهَا نَفْسَهُ وَلَا غَيْرَهُ (وَمَعَ ضِيقٍ فِيهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute