للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَقِيقَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ عَامِرِ الْمَدِينَةِ» ، وَلِأَنَّهُ مَوَاتٌ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ مَصْلَحَةُ الْعَامِرِ، فَجَازَ إحْيَاؤُهُ كَالْبَعِيدِ. وَ (لَا) يُمْلَكُ بِإِحْيَاءِ (مَا) - أَيْ: مَكَان - (نَضَبَ) ؛ أَيْ: غَارَ (مَاؤُهُ مِنْ الْجَزَائِرِ) وَالرُّقَاقِ، مِمَّا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا.

وَالرُّقَاقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَرْضٌ لَيِّنَةٌ أَوْ رِمَالٌ يَتَّصِلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ. قَالَ الْحَجَّاوِيُّ فِي الْحَاشِيَةِ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرْضٌ مُسْتَوِيَةٌ لَيِّنَةُ التُّرَابِ تَحْتَهَا صَلَابَةٌ.

قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَى: إذَا نَضَبَ الْمَاءُ عَلَى جَزِيرَةٍ إلَى فِنَاءِ رَجُلٍ لَمْ يَبْنِ فِيهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا، وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ يَرْجِعُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَإِذَا وَجَدَهُ مَبْنِيًّا رَجَعَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَأَضَرَّ بِأَهْلِهِ، وَلِأَنَّ الْجَزَائِرَ مَنْبَتُ الْكَلَأِ وَالْحَطَبِ، فَجَرَتْ مَجْرَى الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا حِمَى فِي الْأَرَاكِ» . وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَبَاحَ الْجَزَائِرَ؛ أَيْ: مَا نَبَتَ فِيهَا.

وَفِي " الْإِقْنَاعِ " أَمَّا مَا نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ مِنْ الْجَزَائِرِ وَالرُّقَاقِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا فَكُلُّ أَحَدٍ أَحْيَاهُ كَمَوَاتٍ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: خِلَافًا لَهُ.

(وَلَا) يَمْلِكُ بِإِحْيَاءِ (مَا غَمَرَهُ الْمَاءُ مِنْ) مَكَان (مَمْلُوكٍ) بِأَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْمَاءُ، ثُمَّ نَضَبَ عَنْهُ، بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مُلَّاكِهِ قَبْلَ غَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ؛ فَلَهُمْ أَخْذُهُ؛ لِعَدَمِ زَوَالِ مِلْكِهِمْ عَنْهُ.

فَائِدَةٌ: وَإِنْ كَانَ مَا نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدٌ فَعَمَّرَهُ إنْسَانٌ عِمَارَةً لَا تَرِدُ الْمَاءَ مِثْلَ أَنْ يَجْعَلَهُ مَزْرَعَةً فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَحَجِّرٌ بِمَا لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ، فَأَشْبَهَ الْمُتَحَجِّرَ فِي الْمَوَاتِ. .

(وَإِنْ ظَهَرَ فِيمَا أَحْيَا) مِنْ مَوَاتٍ (عَيْنُ مَاءٍ، أَوْ) ظَهَرَ (مَعْدِنٌ جَارٍ) ، وَهُوَ الَّذِي كُلَّمَا أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ خَلَفَهُ عِوَضُهُ (كَنَفْطٍ وَقَارٍ أَوْ) ظَهَرَ فِيهِ (كَلَأٌ أَوْ شَجَرٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ خَارِجٌ مِنْ أَرْضِهِ، أَشْبَهَ الْمَعَادِنَ الْجَامِدَةَ وَالزَّرْعَ؛ لِحَدِيثِ: «مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ أَحَدٌ فَهُوَ لَهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِي لَفْظٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَهُنَا أَوْلَى، (وَلَا يَمْلِكُهُ) ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ» . رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَابْنُ مَاجَهْ. وَزَادَ وَثَمَنُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>