الَّتِي يَتَهَيَّأُ بِهَا الْمُحْيِي لِلِانْتِفَاعِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارِ عَمَلٍ، وَهَذَا حَفْرٌ وَتَخْرِيجٌ يَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارٍ عِنْدَ كُلِّ انْتِفَاعٍ.
(وَيَتَّجِهُ وَلَا) يَمْلِكُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا (مَا) - أَيْ: مَعْدِنًا (كَانَ) فِيهِمَا (ظَاهِرًا لِلنَّاسِ) ، وَتَقَدَّمَتْ لَك أَمْثِلَةُ الظَّاهِرِ (يَأْخُذُونَهُ قَبْلَ إحْيَاءِ) تِلْكَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ فِي مِلْكِهِ إذْنٌ قَطْعًا لِنَفْعٍ كَانَ وَاصِلًا إلَى الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْعًا لِانْتِفَاعِهِمْ، وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ بِإِظْهَارِهِ [فَإِنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ عَنْهُمْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ظَهَرَ بِإِظْهَارِهِ] ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى ذِمِّيٍّ خَرَاجُ مَا أَحْيَا مِنْ مَوَاتِ الْأَرْضِ) فُتِحَتْ (عَنْوَةً) كَأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَا تُقَرُّ فِي يَدِ غَيْرِهِمْ بِدُونِ الْخَرَاجِ؛ كَغَيْرِ الْمَوَاتِ، أَمَّا غَيْرُ الْعَنْوَةِ - وَهُوَ مَا صُولِحَ أَهْلُهُ عَلَى أَنْ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ إذَا أَحْيَا الذِّمِّيُّ فِيهِ مَوَاتًا - فَهُوَ كَالْمُسْلِمِ، وَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ فِيمَا أَحْيَاهُ مِنْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَالصُّلْحِ وَمَا أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَالْمَدِينَةِ؛ إذْ الْأَرْضُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مِنْهُمْ.
(وَيُمْلَكُ بِإِحْيَاءٍ وَيُقْطَعُ) - بِبِنَاءِ الْفِعْلَيْنِ لِلْمَفْعُولِ - (مَا) - أَيْ: مَحِلُّ - (إذَا حَصَلَ فِيهِ الْمَاءُ صَارَ مِلْحًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَضِيقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِإِحْدَاثِهِ، بَلْ يَحْدُثُ نَفْعُهُ بِفِعْلِهِ بِالْعَمَلِ فِيهِ، فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ كَبَقِيَّةِ الْمَوَاتِ، وَإِحْيَاءُ هَذَا بِتَهْيِئَتِهِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ مِنْ حَفْرِ تُرَابِهِ وَتَمْهِيدِهِ وَفَتْحِ قَنَاةٍ إلَيْهِ تَصُبُّ الْمَاءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ بِهَذَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ، (أَوْ) ؛ أَيْ: وَيُمْلَكُ بِإِحْيَاءِ مَا قَرُبَ (مِنْ الْعَامِرِ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَصَالِحِهِ) نَصًّا كَالْبَعِيدِ عَنْهُ؛ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَهُوَ التَّعَلُّقُ بِمَصَالِحِ الْعَامِرِ، وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute