أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «اُخْتُصِمَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَرِيمِ نَخْلَةٍ، فَأَمَرَ بِجَرِيدَةٍ مِنْ جَرَائِدهَا، فَذُرِعَتْ، فَكَانَتْ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ أَوْ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ فَقَضَى بِذَلِكَ» قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَإِنْ سَبَقَ إلَى شَجَرٍ مُبَاحٍ كَالزَّيْتُونِ وَالْخَرُّوبِ فَسَقَاهُ وَأَصْلَحَهُ؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ كَالْمُتَحَجِّرِ الشَّارِعِ فِي الْإِحْيَاءِ، فَإِنْ طَعِمَهُ مَلَكَهُ بِذَلِكَ وَحَرِيمَهُ؛ لِأَنَّهُ تَهَيَّأَ لِلِانْتِفَاعِ لِمَا يُرَادُ مِنْهُ، فَهُوَ كَسَوْقِ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ الْمَوَاتِ.
(وَ) حَرِيمُ (أَرْضٍ) مِنْ مَوَاتٍ (تُزْرَعُ مَا) - أَيْ: مَحِلَّ - (يُحْتَاجُ) إلَيْهِ (لِسَقْيِهَا وَرَبْطِ دَوَابِّهَا وَطَرْحِ سَبَخِهَا فِيهِ وَنَحْوَهُ) مِمَّا يَرْتَفِقُ بِهِ زَارِعُهَا كَمَصْرِفِ مَائِهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ مَرَافِقِهَا.
(وَ) حَرِيمُ (دَارٍ مِنْ مَوَاتٍ حَوْلَهَا مَطْرَحُ تُرَابٍ وَكُنَاسَةٌ وَثَلْجٌ وَمَاءُ مِيزَابٍ وَمَمَرٌّ لِبَابٍ) ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِمَّا يَرْتَفِقُ بِهِ سَاكِنُهَا (وَلَا حَرِيمَ لِدَارٍ مَحْفُوفَةٍ بِمِلْكٍ) - أَيْ: بِمِلْكِ غَيْرِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ - لِأَنَّ الْحَرِيمَ مِنْ الْمَرَافِقِ، وَلَا يَرْتَفِقُ بِمِلْكِهِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ أَحَقُّ بِهِ. (وَيَتَصَرَّفُ كُلٌّ مِنْهُمْ) - أَيْ: مِنْ أَرْبَابِ الْأَمْلَاكِ - (بِحَسْبِ عَادَةٍ) فِي الِانْتِفَاعِ، فَإِنْ تَعَدَّى الْعَادَةَ مُنِعَ مِنْ التَّعَدِّي؛ عَمَلًا بِالْعَادَةِ.
(وَإِنْ وَقَعَ فِي) قَدْرِ (الطَّرِيقِ نِزَاعٌ وَقْتَ الْإِحْيَاءِ فَلَهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ) ؛ لِلْخَبَرِ. (وَلَا تُغَيَّرُ) الطَّرِيقُ (بَعْدَ وَصْفِهَا) نَصًّا، (وَلَوْ زَادَتْ عَلَيْهَا) - أَيْ: عَلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ؛ لِأَنَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ.
(وَمَنْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا) ؛ أَيْ: شَرَعَ فِي إحْيَائِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتِمَّهُ (بِأَنْ أَدَارَ حَوْلَهُ أَحْجَارًا) أَوْ تُرَابًا أَوْ حَائِطًا غَيْرَ مَنِيعٍ، (أَوْ حَفَرَ بِئْرًا لَمْ يَصِلْ مَاؤُهَا) نَقَلَهُ حَرْبٌ (أَوْ سَقَى شَجَرًا مُبَاحًا وَأَصْلَحَهُ) بِأَنْ شَفَاهُ؛ أَيْ: قَطَعَ أَغْصَانَهُ الرَّدِيئَةَ لِتَخْلُفَهَا أَغْصَانٌ جَيِّدَةٌ، (وَلَمْ يَرْكَبْهُ، أَوْ حَرَثَ الْأَرْضَ، أَوْ زَرَعَهَا أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute