للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلًا؛ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ يُنْتَقَلُ إلَيْهِ عَاجِلًا بِقَبُولِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ التَّقَرُّرُ عَنْ الْمَنْزُولِ لَهُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَقْرِيرِ نَاظِرٍ وَلَا مُرَاجَعَتِهِ لَهُ؛ إذْ هُوَ حَقٌّ لَهُ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي حُقُوقِهِ لَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، أَشْبَهَ سَائِرَ حُقُوقِهِ؛ إذْ لَا فَرْقَ، وَلَهُ شَوَاهِدُ مِنْ كَلَامِهِمْ. مِنْهَا مَا ذَكَرُوا فِي الْمُتَحَجِّرِ أَنَّ مَنْ نَقَلَهُ إلَيْهِ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ.

وَكَذَا ذَكَرُوا أَنَّ مَنْ بِيَدِهِ أَرْضٌ خَرَاجِيَّةٌ لَيْسَ لِلْإِمَامِ انْتِزَاعُهَا مِنْهُ وَدَفْعُهَا إلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ آثَرَ بِهَا غَيْرَهُ صَارَ الثَّانِي أَحَقَّ بِهَا، مَعَ أَنَّ لِلْإِمَامِ نَظَرًا وَلَمْ يَعْتَبِرُوهُ، وَقَالَ " الْمُوَضِّحُ ": مُلَخَّصُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَسْتَحِقُّهَا مَنْزُولٌ لَهُ إنْ كَانَ أَهْلًا، وَإِلَّا فَلِلنَّاظِرِ تَوْلِيَةُ مُسْتَحَقِّهَا شَرْعًا. انْتَهَى.

(وَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ أَحَقُّ بِشَيْءٍ) كَمُتَحَجِّرِ مَوَاتٍ وَنَحْوِهِ (بَيْعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ فَلَمْ يَمْلِكْ بَيْعَهُ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْأَخْذِ، وَكَمَنْ سَبَقَ إلَى مُبَاحٍ، (فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ) - أَيْ: مُدَّةُ التَّحَجُّرِ - (عُرْفًا كَثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَمْ يُتِمَّ إحْيَاؤُهُ، وَحُصِلَ مُتَشَوِّفٌ لِإِحْيَائِهِ قِيلَ لَهُ) ؛ أَيْ: قَالَ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ: (إمَّا أَنْ تُحْيِيَهُ) فَتَمْلِكَهُ (أَوْ تَتْرُكَهُ) لِيُحْيِيَهُ غَيْرُك؛ لِأَنَّهُ ضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ فِي حَقٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ، فَلَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى ضَيِّقٍ أَوْ مَشْرَعَةِ مَاءٍ أَوْ مَعْدِنٍ لَا يُنْتَفَعُ وَلَا يَدَعُ غَيْرَهُ يَنْتَفِعُ.

(فَإِنْ طَلَبَ) الْمُتَحَجِّرُ (الْمُهْلَةَ لِعُذْرٍ أُمْهِلَ مَا يَرَاهُ حَاكِمٌ مِنْ نَحْوِ شَهْرٍ) كَشَهْرَيْنِ (أَوْ ثَلَاثَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فَلَا يُمْهَلُ، بَلْ يُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تُعَمِّرَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ يَدَكَ، فَإِنْ لَمْ يُعَمِّرْهَا كَانَ لِغَيْرِهِ عِمَارَتُهَا.

(وَ) أُمْهِلَ لِعُذْرٍ (لَا يَمْلِكُ) الْمَكَانَ الْمُتَحَجَّرَ (بِإِحْيَاءِ غَيْرِهِ) - أَيْ: غَيْرِ الْمُتَحَجِّرِ - (زَمَنَ مُهْلَةٍ) أَوْ قَبْلَهَا؛ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ لَهُ» . وَلِأَنَّهُ أَحْيَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ، كَمَا لَوْ أَحْيَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصَالِحُ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْمُتَحَجِّرِ أَسْبِقُ، فَكَانَ أَوْلَى كَحَقِّ الشَّفِيعِ يُقَدَّمُ عَلَى شِرَاءِ الْمُشْتَرِي. وَإِنْ أَحْيَاهُ (بَعْدَهَا) أَيْ: بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ - فَإِنَّهُ (يَمْلِكُ) مَا أَحْيَاهُ.

قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>