انْتَهَى. وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا مِلْكَ لَهُ، وَحَقُّهُ زَالَ بِإِعْرَاضِهِ حَتَّى مُدَّةِ الْإِمْهَالِ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": فَائِدَةٌ: قَسَّمَ الْأَصْحَابُ الْإِقْطَاعَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ وَإِقْطَاعَ اسْتِغْلَالٍ وَإِقْطَاعَ إرْفَاقٍ، وَقَسَّمَ الْقَاضِي إقْطَاعَ التَّمْلِيكِ إلَى مَوَاتٍ وَعَامِرٍ وَمَعَادِنَ، وَجَعَلَ إقْطَاعَ الِاسْتِغْلَالِ عَلَى ضَرْبَيْنِ عُشْرٍ وَخَرَاجٍ. .
(وَلِلْإِمَامِ لَا غَيْرِهِ إقْطَاعُ مَوَاتٍ لِمَنْ يُحْيِيه) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَقِيقَ أَجْمَعَ، وَأَقْطَعَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ أَرْضًا» ، وَأَقْطَعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَجَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - (وَلَا يَمْلِكُهُ) - أَيْ: الْمَوَاتَ - (بِالْإِقْطَاعِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَهُ لَمَا جَازَ اسْتِرْجَاعُهُ، (بَلْ) يَصِيرُ الْمُقْطَعُ (كَمُتَحَجِّرِهِ) - أَيْ: الْمَوَاتِ - الشَّارِعِ فِي إحْيَائِهِ هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ بِالْإِحْيَاءِ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُسَمَّى تَمَلُّكًا لِمَآلِهِ إلَيْهِ (وَلَا) يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ (يَقْطَعَ إلَّا مَا قَدَرَ) الْمُقْطَعُ (عَلَى إحْيَائِهِ) ؛ لِأَنَّ فِي إقْطَاعِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ تَضْيِيقًا عَلَى النَّاسِ فِي حَقٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ.
(فَإِنْ زَادَ) الْإِمَامُ أَحَدًا؛ بِأَنْ أَقْطَعَهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَى إحْيَائِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ عَجْزُهُ عَنْ إحْيَائِهِ (اسْتَرْجَعَهُ) الْإِمَامُ مِنْهُ، كَمَا اسْتَرْجَعَ عُمَرُ مِنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ مَا عَجَزَ عَنْ عِمَارَتِهِ مِنْ الْعَقِيقِ الَّذِي أَقْطَعَهُ إيَّاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ عُمَرُ لِبِلَالٍ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْطَعْك لِتُجِيزَ عَنْ النَّاسِ إنَّمَا أَقْطَعَك لِتُعَمِّرَ، فَخُذْ مِنْهَا مَا قَدَرْت عَلَى عِمَارَتِهِ، وَرُدَّ الْبَاقِي. رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ.
وَلَهُ - أَيْ: الْإِمَامُ - (إقْطَاعُ غَيْرِ مَوَاتٍ) [مُطْلَقًا]- أَيْ: لَهُ أَرْبَابٌ أَوَّلًا - تَمْلِيكًا، وَلَهُ إقْطَاعُ ذَلِكَ (انْتِفَاعًا لِلْمَصْلَحَةِ) دُونَ غَيْرِهَا. نَقَلَ حَرْبٌ: الْقَطَائِعُ جَائِزٌ. وَنَقَلَ يَعْقُوبُ قَطَائِعُ الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ مِنْ الْمَكْرُوهَةِ كَانَتْ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَأَخَذَهَا هَؤُلَاءِ، وَيَجُوزُ الْإِقْطَاعُ مِنْ مَالِ الْجِزْيَةِ كَمَا فِي الْإِقْطَاعِ مِنْ مَالِ الْخَرَاجِ.
وَمَعْنَى الِانْتِفَاعِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute