للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِرَبِّ الثُّلُثِ اثْنَانِ وَلِرَبِّ السُّدُسِ وَاحِدٌ، يُصَبُّ مَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي سَاقِيَتِهِ) ، فَإِذَا حَصَلَ مَاءُ كُلٍّ فِي سَاقِيَتِهِ انْفَرَدَ بِهِ، (فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ) ؛ لِانْفِرَادِهِ بِمِلْكِهِ.

فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يُجْرِيَ مَاءَهُ فِي سَاقِيَةِ غَيْرِهِ لِيُقَاسِمَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ؛ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ رِضَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي سَاقِيَتِهِ، وَيُخَرِّبُ حَافَّتَيْهَا وَيَخْلِطُ حَقَّهُ بِحَقِّ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ، وَمَا حَصَلَ لِأَحَدِهِمْ فِي سَاقِيَتِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ (مِنْ سَقْيٍ أَوْ عَمَلِ رَحًى أَوْ دُولَابٍ) أَوْ عَمَلِ قَنْطَرَةٍ يَعْبُرُ الْمَاءُ عَلَيْهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهَا، (لَا التَّصَرُّفُ بِذَلِكَ) ؛ أَيْ: إذَا كَانَ النَّهْرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ فَتْحِ سَاقِيَتِهِ إلَى جَانِبِ النَّهْرِ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْهَا، وَلَا أَنْ يَنْصِبَ عَلَى حَافَّتَيْ النَّهْرِ رَحًى تَدُورُ بِالْمَاءِ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ حَرِيمَ النَّهْرِ مُشْتَرَكٌ، فَلَمْ يَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فِيهِ (قَبْلَ قِسْمَةٍ) ، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ النَّهْرِ قَبْلَ قِسْمَةِ شَيْءٍ، فَيَسْقِي بِهِ أَرْضًا فِي أَوَّلِ النَّهْرِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُ رُبَّمَا احْتَاجَ إلَى تَصَرُّفٍ فِي أَوَّلِ حَافَّةِ النَّهْرِ الْمَمْلُوكِ لِغَيْرِهِ (بِلَا إذْنِ) شُرَكَائِهِ؛ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ.

(لَكِنْ لِكُلِّ إنْسَانٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَاءٍ جَارٍ مَمْلُوكٍ أَوْ غَيْرِهِ لِشُرْبِهِ وَوُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ وَغَسْلِ ثِيَابِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ بِلَا إذْنِ مَالِكِهِ، إذَا لَمْ يَدْخُلْ إلَيْهِ فِي مَكَان مَحُوطٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ، (لَا مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَسَقْيِ مَاشِيَةٍ كَثِيرَةٍ) ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءِ الطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ ابْنَ السَّبِيلِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَتَقَدَّمَ.

(وَمَنْ سَبَقَ إلَى قَنَاةٍ لَا مَالِكَ لَهَا، فَسَبَقَ آخَرُ إلَى بَعْضِ أَفْوَاهِهَا مِنْ فَوْقِ أَوْ مِنْ أَسْفَلَ؛ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا سَبَقَ إلَيْهِ) مِنْ ذَلِكَ؛ لِلْخَبَرِ.

تَنْبِيهٌ: إنْ احْتَاجَ النَّهْرُ الْمُشْتَرَكُ وَنَحْوُهُ إلَى عِمَارَةٍ أَوْ تَنْظِيفٍ؛ فَعَلَى الشُّرَكَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>