الِاتِّجَاهُ مَبْنِيٌّ عَلَى احْتِمَالِ مَرْجُوحٍ.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَجُوزَ الْجَعَالَةُ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ؛ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي الْآبِقَ فَلَهُ نِصْفُهُ، وَمَنْ رَدَّ ضَالَّتِي فَلَهُ ثُلُثُهَا. فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: إذَا قَالَ الْأَمِيرُ فِي الْغَزْوِ: مَنْ جَاءَ بِعَشْرَةِ رُءُوسٍ فَلَهُ رَأْسٌ جَازَ، وَقَالُوا: إذَا جَعَلَ جُعْلًا لِمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى قَلْعَةٍ أَوْ طَرِيقٍ سَهْلٍ، وَكَانَ الْجُعْلُ مِنْ مَال الْكُفَّارِ؛ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا كَجَارِيَةٍ يُعَيِّنُهَا الْعَامِلُ؛ فَيَخْرُجُ هَا هُنَا مِثْلُهُ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ تَمْنَعُ مِنْ التَّسْلِيمِ؛ لَمْ تَصِحَّ الْجَعَالَةُ وَجْهًا وَاحِدًا، (لِمَنْ يَعْمَلُ) مُتَعَلِّقٌ بِجُعْلٍ لَهُ - أَيْ: الْجَاعِلُ - (عَمَلًا مُبَاحًا) لَا مُحَرَّمًا كَمِزْمَارٍ وَغِنَاءٍ.
(وَيَتَّجِهُ لَا) تَصِحُّ الْجَعَالَةُ لِمَنْ يَعْمَلُ عَمَلًا (عَبَثًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ (كَسَاعٍ يَقْطَعُ أَيَّامًا فِي يَوْمٍ) وَاحِدٍ، وَمِثْلُهُ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ تَكْلِيفٌ فَوْقَ الطَّاقَةِ (كَرَفْعٍ ثَقِيلٍ) مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَمَشْيٍ عَلَى حَبْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الشَّارِعُ؛ فَلَا تَنْعَقِدُ الْجَعَالَةُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِاشْتِرَاطِ الْإِبَاحَةِ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ إمَّا أَنْ يَخْشَى فَاعِلُهَا الضَّرَرَ فِي بَدَنِهِ أَوْ لَا، فَإِنْ خَشِيَ الضَّرَرَ فَحَرَامٌ، وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ، وَعَلَى كُلٍّ يَكُونُ غَيْرَ مُبَاحٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَوْ) كَانَ الْعَمَلُ (مَجْهُولًا) إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا؛ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ لَمْ يَصِفْهَا، وَرَدِّ لُقَطَةٍ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا؛ لِأَنَّ الْجَعَالَةَ جَائِزَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخٌ، فَلَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَلْزَمَهُ مَجْهُولٌ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ (مَعَ شَخْصٍ) جَائِزِ التَّصَرُّفِ، أَوْ لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ (مُدَّةً، وَلَوْ) كَانَتْ الْمُدَّةُ (مَجْهُولَةً) ؛ كَمَنْ حَرَسَ زَرْعِي فَلَهُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ":
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute