وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى ": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ رَدَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ غَيْرَهُ، (خِلَافًا لَهُ) - أَيْ: لِلْإِقْنَاعِ " فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ - أَيْ: الْمُسَمَّى - أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ فَلَهُ فِي الْعَبْدِ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ انْتَهَى.
(وَيَسْتَحِقُّ مَنْ) سُمِّيَ لَهُ جُعْلٌ عَلَى رَدِّ آبِقٍ وَ (رَدَّهُ مِنْ دُونِ مَسَافَةٍ مُعَيَّنَةِ الْقِسْطَ) مِنْ الْجُعْلِ الْمُسَمَّى، فَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ الَّذِي رَدَّهُ مِنْهُ نِصْفَ الْمَسَافَةِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَبِحِسَابِهِ، وَإِنْ رَدَّهُ مِنْ مَوْضِعٍ (أَبْعَدَ) مِنْ الْبَلْدَةِ الْمُسَمَّاةِ فَلَهُ (الْمُسَمَّى فَقَطْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِلزَّائِدِ عَلَى الْمَسَافَةِ عِوَضًا، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ فِي مُقَابَلَتِهِ شَيْئًا، وَإِنْ رَدَّهُ مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى، وَمِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ؛ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ لَمْ يَجْعَلْ عَلَى رَدِّهِ مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي عَيَّنَهُ عِوَضًا؛ فَالرَّادُّ مِنْ غَيْرِهِ مُتَبَرِّعٌ بِعَمَلِهِ.
كَمَا لَوْ جَعَلَ رَبُّ آبِقَيْنِ فِي رَدِّ أَحَدِ عَبْدَيْهِ كَسَالِمٍ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَرَدَّ الْعَبْدَ الْآخَرَ؛ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ الْمُعَيَّنَ.
قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَخَالَفَهُمْ شَارِحُهُ، فَقَالَ: قُلْتُ: بَلْ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ، وَكَذَا الَّتِي قَبْلَهَا، كَذَا قَالَ.
(وَ) يَسْتَحِقُّ (مَنْ رَدَّ أَحَدَ آبِقَيْنِ) جُوعِلَ عَلَى رَدِّهِمَا (نِصْفَهُ) - أَيْ: نِصْفَ الْجُعْلِ - عَنْ رَدِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ رَدَّ نِصْفَهُمَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا أَمْ اخْتَلَفَتْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: مَنْ خَاطَ لِي هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ فَلَهُ كَذَا، فَخَاطَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ بِقَدْرِهِ مِنْ الْجُعْلِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الشَّيْئَيْنِ مَعًا؛ كَمَا لَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّهُمَا كِلَيْهِمَا فَلَهُ كَذَا.
(وَبَعْدَ شُرُوعِ عَامِلٍ) فِي الْعَمَلِ (إنْ فَسَخَ جَاعِلٌ فَعَلَيْهِ) لِعَامِلٍ (أُجْرَةُ) مِثْلُ (عَمَلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، فَكَانَ لَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَمَا عَمِلَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ.
وَإِنْ زَادَ الْجَاعِلُ أَوْ نَقَصَ مِنْ الْجُعْلِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ؛ جَازَ وَعَمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ فَجَازَ فِيهِ ذَلِكَ؛ كَالْمُضَارَبَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute