(وَإِنْ فَسَخَ عَامِلٌ) قَبْلَ تَمَامِ عَمَلِهِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) ؛ لِإِسْقَاطِ حَقِّ نَفْسِهِ حَيْثُ لَمْ يُوَفِّ مَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلَ الْجَعَالَةِ) - أَيْ: التَّسْمِيَةِ - بِأَنْ أَنْكَرَهُ أَحَدُهُمَا؛ فَالْقَوْلُ (قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ) مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا (فِي قَدْرِهِ) - أَيْ: الْجُعْلِ - (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ (الْمَسَافَةِ) بِأَنْ قَالَ الْجَاعِلُ: جَعَلْتُ ذَلِكَ لِمَنْ رَدَّهُ مِنْ عَشَرَةِ أَمْيَالٍ، فَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ مِنْ سِتَّةِ أَمْيَالٍ، أَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْعَبْدِ الَّذِي جُعِلَ فِيهِ الْجُعْلُ فِي رَدِّهِ، فَقَالَ: رَدَدْت الْعَبْدَ الَّذِي جَعَلْتَ إلَيَّ الْجُعْلَ فِيهِ، فَأَنْكَرَ الْجَاعِلُ، وَقَالَ: بَلْ شَرَطْته فِي الْعَبْدِ الَّذِي لَمْ تَرُدَّهُ؛ فَالْقَوْلُ (قَوْلُ جَاعِلٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ الْعَامِلُ زِيَادَةً عَمَّا يَعْتَرِفُ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ.
(وَإِنْ عَمِلَ) شَخْصٌ (وَلَوْ الْمُعَدُّ لِأَخْذِ أُجْرَةٍ) عَلَى عَمَلِهِ كَالْمَلَّاحِ وَالْمُكَارَى وَالْحَجَّامِ وَالْقَصَّارِ، وَالْخَيَّاطِ وَالدَّلَّالِ وَالنَّقَّادِ، وَالْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَشَبَهِهِمْ مِمَّنْ يَرْصُدُ نَفْسَهُ لِلتَّكَسُّبِ بِالْعَمَلِ، وَأَذِنَ لَهُ الْمَعْمُولُ لَهُ فِي الْعَمَلِ؛ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ لِدَلَالَةِ الْعُرْفِ عَلَى ذَلِكَ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِأَخْذِ الْأُجْرَةِ، وَعَمِلَ (لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِلَا إذْنٍ أَوْ بِلَا جُعْلٍ) مِمَّنْ عَمِلَ لَهُ؛ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَنْفَعَتَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ، وَلِئَلَّا يَلْزَمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَلَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِهِ (إلَّا فِي تَخْلِيصِ مَالِ غَيْرِهِ وَلَوْ) كَانَ مَالُ غَيْرِهِ (قِنًّا مِنْ بَحْرِ) أَوْ فَمِ سَبُعٍ (أَوْ فَلَاةٍ) يُظَنُّ هَلَاكُهُ فِي تَرْكِهِ؛ فَلَهُ (أَجْرُ مِثْلِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّهُ؛ لِأَنَّهُ يَخْشَى هَلَاكَهُ وَتَلَفَهُ عَلَى مَالِكِهِ، بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ.
وَكَذَا لَوْ انْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ فَخَلَّصَ قَوْمٌ الْأَمْوَالَ مِنْ الْبَحْرِ فَتَجِبُ لَهُمْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُلَّاكِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَثًّا وَتَرْغِيبًا فِي إنْقَاذِ الْأَمْوَالِ مِنْ الْمَهْلَكَةِ؛ فَإِنَّ الْغَوَّاصَ إذَا عَلِمَ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ غَرَّرَ بِنَفْسِهِ، وَبَادَرَ إلَى التَّخْلِيصِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِلَّا فِي (رَدِّ آبِقٍ مِنْ قِنٍّ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ) الرَّادُّ (الْإِمَامَ) ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ الرَّادَّ (أَوْ نَائِبَهُ) ؛ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِانْتِصَابِهِ لِلْمَصَالِحِ، وَلَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَكْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute