مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ كَانَ الرَّادُّ غَيْرَهُمَا؛ فَلَهُ (مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ) دِينَارًا وَاثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا هَذَا الْمَذْهَبُ.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ " وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمَا: وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّادُّ زَوْجًا أَوْ ذَا رَحِمٍ فِي عِيَالِ الْمَالِكِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ.
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مُرْسَلًا: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ فِي رَدِّ الْآبِقِ إذَا جَاءَ بِهِ خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ دِينَارًا» .
وَالْمَعْنَى فِيهِ الْحَثُّ عَلَى حِفْظِهِ عَلَى سَيِّدِهِ، وَصِيَانَةِ الْعَبْدِ عَمَّا يُخَافُ مِنْ لِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَالسَّعْيِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْمَتَاعِ، (سَوَاءٌ رَدَّهُ مِنْ دَاخِلِ الْمِصْرِ أَوْ خَارِجِهِ) ، قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ أَوْ بَعُدَتْ، (مَا لَمْ يَمُتْ سَيِّدُ مُدَبَّرٍ) خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ (وَأُمِّ وَلَدٍ قَبْلَ وُصُولٍ) إلَيْهِ (فَيُعْتَقَا؛ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ: لِرَادِّهِمَا فِي نَظِيرِ الرَّدِّ - لِأَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يَتِمَّ؛ إذْ الْعَتِيقُ لَا يُسَمَّى آبِقًا، (أَوْ يَهْرُبُ) الْآبِقُ مِنْ وَاجِدِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا.
(وَيَأْخُذُ) رَادُّ الْآبِقِ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ تَرِكَتِهِ (مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَوْ) مَا أَنْفَقَ (عَلَى دَابَّةٍ) يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا (فِي قُوتٍ) وَعَلَفٍ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَمِثْلُهُ كِسْوَةٌ وَأُجْرَةُ حَمْلٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِمَا، لَا دُهْنٌ وَحَلْوَى، (وَلَوْ هَرَبَ) أَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ جُعْلًا لِرَدِّهِ مِنْ غَيْرِ بَلَدٍ سَمَّاهُ، (أَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ) الْمُنْفِقُ (مَالِكًا) فِي الْإِنْفَاقِ (مَعَ قُدْرَةٍ) عَلَى اسْتِئْذَانِهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا؛ لِحُرْمَةِ النَّفْسِ؛ وَحَثًّا عَلَى صَوْنِ ذَلِكَ عَلَى رَبِّهِ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ.
(وَلَا) يَجُوزُ لِوَاجِدِ آبِقٍ أَنْ (يَسْتَخْدِمَهُ بَدَلَ نَفَقَتِهِ) عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْمَرْهُونِ وَأَوْلَى.
(وَيُؤْخَذُ جُعْلٌ وَنَفَقَةٌ مِنْ تَرِكَةِ) سَيِّدِ (مَيِّتٍ) ؛ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ، (مَا لَمْ) يَنْوِ أَنْ (يَتَبَرَّعَ) بِالْعَمَلِ وَالنَّفَقَةِ، فَإِنْ نَوَى التَّبَرُّعَ؛ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ نَوَى بِالْعَمَلِ التَّبَرُّعَ لَا أُجْرَةَ لَهُ، وَمُقْتَضَاهُ لَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الرُّجُوعِ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute