قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ يَعْنِي لِلشَّعْبِيِّ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ.
، وَفِي الْقَوْلِ بِمِلْكِهَا إحْيَاؤُهَا وَإِنْقَاذُهَا؛ وَلِأَنَّهَا تُرِكَتْ رَغْبَةً عَنْهَا، أَشْبَهَ سَائِرَ مَا يُتْرَكُ رَغْبَةً عَنْهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكُهَا لِيَرْجِعَ إلَيْهَا أَوْ ضَلَّتْ مِنْهُ، فَلَا يَمْلِكُهَا آخِذُهَا.
وَتَقَدَّمَ آخِرُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مُوَضَّحًا.
(وَكَذَا مَا يَلْقَى) مِنْ سَفِينَةٍ (فِي الْبَحْرِ خَوْفَ غَرَقٍ) فَيَمْلِكُهُ آخِذُهُ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ أَلْقَاهُ بِاخْتِيَارِهِ، فَأَشْبَهَ الْمَنْبُوذَ رَغْبَةً عَنْهُ.
قَطَعَ بِهِ فِي " التَّنْقِيحِ " وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا، (خِلَافًا لَهُ) - أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ " - حَيْثُ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرَكَهَا لِيَرْجِعَ إلَيْهَا، أَوْ ضَلَّتْ مِنْهُ؛ أَيْ: فَلَا يَمْلِكُهَا آخِذُهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا مَا أُلْقِيَ خَوْفَ الْغَرَقِ؛ أَيْ: فَلَا يُمْلَكُ، فَجُعِلَ حُكْمُ مَا أُلْقِيَ خَوْفَ الْغَرَقِ كَحُكْمِ مَا تَرَكَهَا؛ لِيَرْجِعَ إلَيْهَا، وَكَالَتِي ضَلَّتْ مِنْهُ فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَمْلِكُهُ آخِذُهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ حُكْمَهُ (كَ) حُكْمِ (مُلْقًى رَغْبَةً عَنْهُ) فِي مَحَلٍّ يَتْلَفُ بِتَرْكِهِ فِيهِ.
الْقِسْمُ (الثَّانِي) مِنْ أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ، وَلَا يُمْلَكُ بِتَعْرِيفِهِ (الضَّوَالُّ) - جَمْعُ ضَالٍّ - اسْمٌ لِلْحَيَوَانِ خَاصَّةً، وَتَقَدَّمَ، (الَّتِي تَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ كَثَعْلَبٍ وَذِئْبٍ) وَابْنِ آوَى وَأَسَدٍ صَغِيرٍ، وَامْتِنَاعُهَا إمَّا بِكِبَرِ جُثَّتِهَا (كَإِبِلٍ وَبَقَرٍ وَخَيْلٍ وَبِغَالٍ) ، وَإِمَّا؛ لِسُرْعَةِ عَدْوِهَا (كَحُمُرٍ وَظِبَاءٍ) ، وَإِمَّا لِطَيْرٍ (كَطَيْرٍ مُمْتَنِعٍ) بِطَيَرَانِهِ (وَ) إمَّا بِنَابِهِ (كَفَهْدٍ مُعَلَّمٍ أَوْ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ) ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِمَالٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ (وَنَحْوِهِ) ؛ أَيْ: نَحْوِ الْمُتَقَدِّمِ كَفِيلٍ وَزَرَافَةٍ وَنَعَامَةٍ وَقِرْدٍ وَهِرٍّ وَقِنٍّ كَبِيرٍ، فَهَذَا الْقِسْمُ (غَيْرُ) الْقِنِّ (الْآبِقِ يَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ) ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ: مَالَكَ وَلَهَا دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا» .
وَتَقَدَّمَ الْحَدِيثُ، وَلَمَّا رَوَى مُنْذِرُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: " كُنْتُ مَعَ أَبِي جَرِيرٍ بِالْبَوَارِيجِ فِي السَّوَادِ فَرَاحَتْ الْبَقَرَةُ، فَرَأَى بَقَرَةً أَنْكَرَهَا، فَقَالَ: مَا هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute