فَهُوَ (لُقَطَةٌ لِوَاجِدِهِ) ، يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهَا؛ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ، (وَيَبْدَأُ فِي تَعْرِيفٍ بِبَائِعٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الشَّاةُ ابْتَلَعَتْهَا مِنْ مِلْكِهِ، كَمَا لَوْ وَجَدَ صَيْدًا مَخْضُوبًا، أَوْ فِي أُذُنِهِ قُرْطٌ، أَوْ فِي عُنُقِهِ خَرَزٌ؛ فَإِنَّهُ لُقَطَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْخِضَابَ وَنَحْوَهُ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ.
(وَإِنْ وَجَدَ) إنْسَانٌ (دُرَّةً غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ فِي) بَطْنِ (سَمَكَةٍ مَلَكَهَا) بِاصْطِيَادِهِ لَهَا مِنْ الْبَحْرِ؛ (فَ) الدُّرَّةُ (لِصَيَّادٍ) . قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " لِأَنَّ الظَّاهِرَ ابْتِلَاعُهَا مِنْ مَعِدَتِهَا.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي " لِأَنَّ الدُّرَّ يَكُونُ فِي الْبَحْرِ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [فاطر: ١٢] وَإِنْ بَاعَ الصَّيَّادُ السَّمَكَةَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالدُّرَّةِ، لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهَا؛ فَتُرَدُّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مَا فِي بَطْنِهَا لَمْ يَبِعْهُ، وَلَمْ يَرْضَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ، وَإِنْ وَجَدَ الصَّيَّادُ فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ مَا لَا يَكُونُ إلَّا لِآدَمِيٍّ؛ كَدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ وَجَدَ فِيهَا دُرَّةً أَوْ غَيْرَهَا مَثْقُوبَةً أَوْ مُتَّصِلَةً بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَلُقَطَةٌ، لَا يَمْلِكُهَا الصَّيَّادُ، بَلْ يُعَرِّفُهَا، (وَكَطَيْرٍ صَادَهُ، وَلَا أَثَرَ مِلْكٍ بِهِ) ؛ فَهُوَ لِلصَّيَّادِ.
(وَ) إنْ وَجَدَ إنْسَانٌ (عَنْبَرَةٌ بِسَاحِلٍ) فَحَازَهَا؛ فَهِيَ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبَحْرَ قَذَفَ بِهَا، فَهِيَ مُبَاحَةٌ، وَمَنْ سَبَقَ إلَى مُبَاحٍ فَهُوَ لَهُ.
وَمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَلْقَى بَحْرُ عَدَنَ عَنْبَرَةٌ مِثْلُ الْبَعِيرِ، فَأَخَذَهَا نَاسٌ بِعَدَنَ، فَكُتِبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَتَبَ إلَيْنَا: أَنْ خُذُوا مِنْهَا الْخُمُسَ، وَادْفَعُوا إلَيْهِمْ سَائِرَهَا، وَإِنْ بَاعُوكُمُوهَا فَاشْتَرُوهَا، فَأَرَدْنَا أَنْ نَزِنَهَا فَلَمْ نَجِدْ مِيزَانًا يُخْرِجُهَا، فَقَطَعْنَاهَا ثِنْتَيْنِ وَوَزَنَّاهَا، فَوَجَدْنَاهَا سِتَّمِائَةِ رِطْلٍ، فَأَخَذْنَا خُمُسَهَا، وَدَفَعْنَا سَائِرَهَا، ثُمَّ اشْتَرَيْنَاهَا بِخَمْسَةِ آلَافِ دِينَارٍ، وَبَعَثْنَا بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute