للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى عُمَرَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إلَّا قَلِيلًا حَتَّى بَاعَهَا بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ؛ فَهُوَ اجْتِهَادٌ مِنْ عُمَرَ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ جَمِيعَهَا لِوَاجِدِهَا، وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ.

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَنْبَرَةُ عَلَى السَّاحِلِ؛ فَلُقَطَةٌ يُعَرِّفُهَا (مَا لَمْ تُصَدْ) السَّمَكَةُ الَّتِي وَجَدَ بِهَا الدُّرَّةَ (مِنْ عَيْنٍ أَوْ نَهْرٍ لَا يَتَّصِلُ بِالْبَحْرِ) ؛ فَكَالشَّاةِ فِي أَنَّ مَا وُجِدَ فِي بَطْنِهَا مِنْ دُرَّةٍ مَثْقُوبَةٍ أَوْ غَيْرِ مَثْقُوبَةٍ لُقَطَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ وَالنَّهْرَ غَيْرَ الْمُتَّصِلِ لَيْسَ مُعَدًّا لِلدُّرِّ.

وَعُلِمَ مِنْهُ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْبَحْرِ، وَكَانَتْ الدُّرَّةُ غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ، أَنَّهَا لِلصَّيَّادِ، (أَوْ) وَجَدَ (بِهِ) - أَيْ: بِمَا الْتَقَطَ (أَثَرَ مِلْكٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ لَهُ) - أَيْ: لِلْمُلْتَقِطِ - تَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

تَكْمِيلٌ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَنْ أَلْقَى شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَوَقَفَتْ فِيهَا سَمَكَةٌ، فَجَذَبَتْ الشَّبَكَةَ فَمَرَّتْ بِهَا فِي الْبَحْرِ، فَصَادَهَا رَجُلٌ فِي الْبَحْرِ: فَإِنَّ السَّمَكَةَ لِلَّذِي حَازَهَا، وَالشَّبَكَةُ يُعَرِّفُهَا، وَيَدْفَعُهَا إلَى صَاحِبِهَا.

فَجَعَلَ الشَّبَكَةَ لُقَطَةً؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِآدَمِيٍّ، وَالسَّمَكَةَ لِمَنْ صَادَهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً، وَلَمْ يَمْلِكْهَا صَاحِبُ الشَّبَكَةِ؛ لِكَوْنِ شَبَكَتِهِ لَمْ تُثْبِتْهَا، فَبَقِيَتْ عَلَى الْإِبَاحَةِ قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي ".

وَنَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ، فِي رَجُلٍ انْتَهَى إلَى شَرَكٍ فِيهَا حِمَارُ وَحْشٍ أَوْ ظَبْيَةٌ قَدْ شَارَفَ الْمَوْتَ، فَخَلَّصَهُ وَذَبَحَهُ: هُوَ لِصَاحِبِ الْأُحْبُولَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ الصَّيْدِ فِي الْأُحْبُولَةِ فَهُوَ لِمَنْ نَصَبَهَا.

وَإِنْ بَازِيًا أَوْ صَقْرًا أَوْ عُقَابًا قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ بَازٍ أَوْ صَقْرٍ أَوْ كَلْبٍ مُعَلَّمٍ أَوْ فَهْدٍ ذَهَبَ عَنْ صَاحِبِهِ فَدَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَمَرَّ فِي الْأَرْضِ حَتَّى أَتَى لِذَلِكَ أَيَّامٌ، فَأَتَى قَرْيَةً فَسَقَطَ عَلَى حَائِطٍ، فَدَعَاهُ رَجُلٌ فَأَجَابَهُ، قَالَ: يَرُدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ دَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَنَصَبَ لَهُ شَرَكًا فَصَادَهُ بِهِ، قَالَ: يَرُدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ.

(وَمَنْ ادَّعَى مَا بِيَدِ لِصٍّ أَوْ نَاهِبٍ، أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ) أَنَّهُ لَهُ (وَوَصَفَهُ فَهُوَ لَهُ) ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَمَنْ وَصَفَ مَغْصُوبًا وَمَسْرُوقًا وَمَنْهُوبًا وَنَحْوَهُ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالْوَصْفِ، وَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِهِ.

ذَكَرَهُ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ "، وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي دَفْنِ الدَّارِ؛ فَمَنْ وَصَفَهُ فَهُوَ لَهُ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>