للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَرَجُّحِهِ بِالْوَصْفِ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالتِّسْعِينَ: مَنْ ادَّعَى شَيْئًا وَوَصَفَهُ؛ دُفِعَ إلَيْهِ بِالصِّفَةِ، إذَا جُهِلَ رَبُّهُ وَلَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِ يَدٌ مِنْ جِهَةِ مَالِكٍ، وَإِلَّا فَلَا.

(فَصْلٌ: وَلَا فَرْقَ) فِي وُجُوبِ تَعْرِيفِ اللُّقَطَةِ حَوْلًا وَمِلْكِهَا بَعْدَهُ، (بَيْنَ مُلْتَقِطٍ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ، وَقِنٍّ لَمْ يَنْهَهُ سَيِّدُهُ، وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) ؛ لِأَنَّ الِالْتِقَاطَ نَوْعُ اكْتِسَابٍ، فَاسْتَوَوْا فِيهِ، كَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ.

وَأَمَّا مَنْ لَا يَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا؛ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا، وَتَقَدَّمَ، (وَإِنْ وَجَدَهَا) - أَيْ: اللُّقَطَةَ - (صَغِيرٌ أَوْ سَفِيهٌ أَوْ مَجْنُونٌ) ، صَحَّ الْتِقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَكَسُّبٍ كَالِاصْطِيَادِ، وَ (قَامَ وَلِيُّهُ بِتَعْرِيفِهَا عَنْهُ) - أَيْ: عَنْ وَاجِدِهَا؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لِوَاجِدِهَا حَقُّ التَّمَلُّكِ فِيهَا، فَكَانَ عَلَى وَلِيِّهِ الْقِيَامُ بِهَا.

وَ (لَا) تَكُونُ اللُّقَطَةُ (لَهُ) - أَيْ: لِلْوَلِيِّ - بَلْ لِوَاجِدِهَا بَعْدَ تَعْرِيفِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ تَمَّ بِشَرْطِهِ.

(فَإِنْ تَلِفَتْ) اللُّقَطَةُ (بِيَدِ أَحَدِهِمْ) بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَ) إنْ (فَرَّطَ) فِي حِفْظِهَا؛ (ضَمِنَ) مَا تَلِفَ مِنْهَا بِتَفْرِيطِهِ فِي مَالِهِ.

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": نَصَّ عَلَيْهِ فِي صَبِيٍّ (كَإِتْلَافِهِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " " وَالشَّرْحِ " (وَكَتْمُهَا) - أَيْ: اللُّقَطَةِ - (عَنْ وَلِيِّهِ) ؛ أَيْ: وَلِيِّ الْوَاجِدِ لَهَا، (تَفْرِيطٌ) مِنْهُ (ذَكَرَهُ الْقَاضِي) أَبُو يَعْلَى.

وَإِنْ كَانَ تَلَفُهَا (بِتَفْرِيطِ وَلِيٍّ) وَاجِدِهَا؛ بِأَنْ (عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَأْخُذْهَا مِنْهُ) ؛ لِكَوْنِهِ لَيْسَ أَهْلًا لِلْحِفْظِ، حَتَّى تَلِفَتْ؛ (فَعَلَيْهِ) - أَيْ: الْوَلِيِّ - ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُضَيِّعُ لَهَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ حِفْظُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ مُوَلِّيهِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

(وَلَوْ عَرَّفَهَا مُمَيِّزٌ بِنَفْسِهِ) بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ؛ (فَالْأَظْهَرُ الْإِجْزَاءُ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ) لِأَنَّهُ يَعْقِلُ التَّعْرِيفَ فَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ.

(فَلَوْ لَمْ يُعَرِّفْهَا) الْوَلِيُّ، وَلَا الصَّغِيرُ (حَتَّى بَلَغَ؛ لَمْ يَمْلِكْهَا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَضَى أَجَلُ التَّعْرِيفِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ السِّنِينَ، وَإِنْ عَرَّفَهَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بَعْدَهُ لَا يُفِيدُ ظَاهِرًا؛ لِكَوْنِ صَاحِبِهَا يَيْأَسُ مِنْهَا، وَيَتْرُكُ طَلَبَهَا.

قَالَ الْإِمَامُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>