إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ أَيْمَانِهَا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: «لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» .
عَلَى أَنَّ ضَعْفَ الشَّبَهِ عَنْ إقَامَةِ الْحَدِّ، لَا يُوجِبُ ضَعْفَهُ عَنْ إلْحَاقِ النَّسَبِ، فَإِنَّ الْحَدَّ فِي الزِّنَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَقْوَى الْبَيِّنَتَيْنِ، وَأَكْثَرِهَا عَدَدًا وَأَقْوَى الْإِقْرَارِ، حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهِ تَكْرَارُهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَيُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَيَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَيَثْبُتُ مَعَ ظُهُورِ انْتِفَائِهِ، حَتَّى لَوْ أَنْ امْرَأَةً أَتَتْ بِوَلَدِ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ عَنْهَا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً؛ لَحِقَهُ وَلَدُهَا، فَكَيْفَ يَحْتَجُّ عَلَى نَفْيِهِ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ.
وَلِأَنَّهُ حَكَمَ بِظَنٍّ غَالِبٍ وَرَأْيٍ رَاجِحٍ، مِمَّنْ هُوَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ؛ فَجَازَ؛ كَقَوْلِ الْمُقَوِّمِينَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَاهُنَا إذَا عَمِلْتُمْ بِالْقِيَافَةِ فَقَدْ نَفَيْتُمْ النَّسَبَ عَمَّنْ تَلْحَقُهُ الْقَافَةُ بِهِ؛ قُلْنَا: إنَّمَا انْتَفَى النَّسَبُ هَاهُنَا لِعَدَمِ دَلِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مُجَرَّدَ الدَّعْوَى، وَقَدْ عَارَضَهَا مِثْلُهَا؛ فَسَقَطَ حُكْمُهَا، فَكَانَ الشَّبَهُ مُرَجِّحًا لِأَحَدِهِمَا، فَانْتَفَتْ دَلَالَةُ الْأُخْرَى، فَلَزِمَ انْتِفَاءُ النَّسَبِ لِانْتِفَاءِ دَلِيلِهِ، وَتَقْدِيمِ اللِّعَانِ عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ الْعَمَلَ بِهِ عِنْدَ عَدَمِهِ، كَالْيَدِ تُقَدَّمُ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ وَيُعْمَلُ بِهَا انْتَهَى مُلَخَّصًا مِنْ " الْمُغْنِي ".
(أَوْ) أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ (بِاثْنَيْنِ؛ لَحِقَ) نَسَبُهُ بِهِمَا؛ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ عُمَرَ، فِي امْرَأَةٍ وَطِئَهَا رَجُلَانِ فِي طُهْرٍ، فَقَالَ الْقَائِفُ: قَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا، فَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا، وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: وَعَلِيٌّ يَقُولُ: هُوَ ابْنُهُمَا وَهُمَا أَبَوَاهُ، يَرِثُهُمَا، وَيَرِثَانِهِ. رَوَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ عَنْ عُمَرَ
(فَيَرِثُ) اللَّقِيطُ الْمُلْحَقُ بِأَبَوَيْنِ (كُلًّا مِنْهُمَا) - أَيْ: الْأَبَوَيْنِ - إرْثَ وَلَدٍ كَامِلٍ، فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَهُ وَرِثَ جَمِيعَ مَالِهِمَا. (وَيَرِثَانِهِ إرْثَ أَبٍ) وَاحِدٍ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ إلْحَاقُ الْقَافَةِ لَقِيطًا بِاثْنَيْنِ مُعْتَبَرًا (فَلَوْ تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا) ؛ أَيْ: مَنْ أَلْحَقَتْ الْقَافَةُ الْوَلَدَ بِهِ، (بِنْتَ) الْمُلْحَقِ (الْآخَرِ) الْمَفْرُوضِ فِي مَسْأَلَتِنَا (قِيلَ) - أَيْ: قَالَ الْقَائِلُ - (فِيهِ) ؛ أَيْ: الشَّخْصِ الَّذِي تَزَوَّجَ: قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute