للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَوْ رَجَعَا بَعْدَ التَّقْوِيمِ، بِأَنْ قَوَّمَاهُ بِعَشْرَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ ثَمَانِيَةٍ؛ لَمْ يُقْبَلْ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا بَعْدَ الْحُكْمِ.

(وَلَوْ رَجَعَ عَنْ دَعْوَاهُ) النَّسَبَ (مَنْ أَلْحَقَتْهُ قَافَةٌ بِهِ؛ لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ (وَمَعَ عَدَمِ إلْحَاقِ) الْقَافَةِ بِهِ (فَرَجَعَ أَحَدُهُمَا) عَنْ دَعْوَاهُ؛ (أُلْحِقَ بِالْآخَرِ) ؛ لِزَوَالِ الْمُعَارِضِ، وَلَا يُضَيَّعُ نَسَبُهُ.

(وَيَكْفِي قَائِفٌ وَاحِدٌ) فِي إلْحَاقِ النَّسَبِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ: " أَنَّهُ اسْتَقَافَ الْمُصْطَلَقَيْ وَحَّدَهُ " وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ اسْتَقَافَ ابْنَ كَلْدَةَ وَاسْتَلْحَقَ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ حَكَمٌ، فَقُبِلَ فِيهِ الْوَاحِدُ، كَالْحَاكِمِ.

(وَهُوَ كَحَاكِمٍ فَيَكْفِي مُجَرَّدُ خَبَرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ مَا يَقُولُهُ، بِخِلَافِ الشَّاهِدِ. فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِوَاحِدٍ، ثُمَّ أَلْحَقَهُ قَائِفٌ آخَرُ بِآخَرَ؛ كَانَ لَاحِقًا بِالْأَوَّلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ إلْحَاقَهُ جَرَى مَجْرَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، فَلَا يُنْقَضُ بِمُخَالَفَةِ غَيْرِهِ لَهُ، وَكَذَا لَوْ أَلْحَقَهُ بِوَاحِدٍ، ثُمَّ عَادَ فَأَلْحَقَهُ بِغَيْرِهِ.

وَإِنْ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَلَدُهُ؛ حُكِمَ لَهُ بِهِ، وَسَقَطَ قَوْلُ الْقَائِفِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ، فَيَسْقُطُ بِوُجُودِ الْأَصْلِ، كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْمَاءِ.

(وَشُرِطَ كَوْنُهُ) - أَيْ: الْقَائِفِ - (ذَكَرًا) ؛ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ حُكْمٌ مُسْتَنَدُهَا النَّظَرُ وَالِاسْتِدْلَالُ، فَاعْتُبِرَتْ فِيهِ الذُّكُورَةُ؛ كَالْقَضَاءِ (عَدْلًا) ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ.

وَعُلِمَ مِنْهُ اشْتِرَاطُ إسْلَامِهِ بِالْأَوْلَى؛ إذْ الْحَاكِمُ لَا يَكُونُ إلَّا مُسْلِمًا حُرًّا؛ لِأَنَّهُ كَحَاكِمٍ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَصَاحِبُ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَالشَّارِحِ، وَالْمُوَفَّقُ، وَذَكَرَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " عَنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي " الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ": الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ كَحَاكِمٍ، فَتُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُهُ.

وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى " وَ " الْحَاوِي الصَّغِيرِ " قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": لِأَنَّ قَوْلَهُ حُكْمٌ، وَالْحُكْمُ يُعْتَبَرُ لَهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ انْتَهَى.

(خِلَافًا لَهُ) - أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ " - فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>