مَنْ يَجِبُ نَصْبُهُ؛ نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ؛ كَوَلِيِّ النِّكَاحِ إذَا عَضَلَ، وَإِنْ طَلَبَ عَلَى النَّصْبِ جُعْلًا سَقَطَ حَقُّهُ، وَقَرَّرَ الْحَاكِمُ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ. وَلَيْسَ لِمُتَكَلِّمٍ عَلَى وَقْفٍ، مِنْ نَاظِرٍ وَغَيْرِهِ، تَقْرِيرُ نَفْسِهِ، أَوْ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ؛ كَوَلَدِهِ وَنَحْوِهِ، فِي شَيْءٍ مِنْ وَظَائِفِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُمْ كَهُوَ؛ وَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ لَهُ وَلَا لَهُمْ؛ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ مَعَ كَوْنِهِ نَاظِرًا أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا لِوَقْفٍ، وَلَا مُبَاشِرًا فِيهِ، وَلَا أَنْ يَتَصَرَّفَ بِغَيْرِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ، أَفْتَى بِذَلِكَ ابْنُ النَّجَّارِ.
(وَلَا يَتَوَقَّفُ الِاسْتِحْقَاقُ) [عَلَى نَصْبِهِ]- أَيْ: النَّاظِرِ، وَلَا الْإِمَامِ (إلَّا بِشَرْطٍ) مِنْ الْوَاقِفِ، فَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي الصَّرْفِ نَصْبَ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَحِقِّ؛ كَالْمُدَرِّسِ وَالْمُعِيدِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ بِالْمَدْرَسَةِ مَثَلًا؛ فَلَا إشْكَالَ فِي تَوَقُّفِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى نَصْبِ النَّاظِرِ لَهُ، عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَإِلَّا يَشْرِطُ الْوَاقِفُ نَصْبَ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَحِقِّ، بَلْ قَالَ: وَيَصْرِفُ النَّاظِرُ إلَى مُدَرِّسٍ أَوْ مُعِيدٍ أَوْ مُتَفَقِّهَةٍ بِالْمَدْرَسَةِ؛ فَلَا يَتَوَقَّفُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى نَصْبِ نَاظِرٍ وَلَا إمَامٍ.
(فَلَوْ انْتَصَبَ بِمَدْرَسَةٍ مُدَرِّسٌ أَوْ مُعِيدٌ وَأَذْعَنَ لَهُ) الطَّلَبَةُ (بِالِاسْتِفَادَةِ، وَتَأَهَّلَ لِذَلِكَ؛ اسْتَحَقَّ، وَلَمْ يُنَازَعْ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ مِنْ الشَّيْخِ غَيْرُ شَرْطٍ فِي جَوَازِ التَّصَدِّي لِلْإِقْرَاءِ وَالْإِفَادَةِ، فَمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْأَهْلِيَّةَ؛ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ أَحَدٌ، وَعَلَى ذَلِكَ السَّلَفُ، وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ عِلْمٍ، وَفِي الْإِقْرَاءِ وَالْإِفْتَاءِ، خِلَافًا لِمَا يَتَوَهَّمُهُ الْأَغْبِيَاءُ مِنْ اعْتِقَادِ كَوْنِهِمَا شَرْطًا. قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ ": وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهَا إجْمَاعًا، بَلْ إنْ عَلِمَ أَهْلِيَّتَهُ؛ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَازَةُ، أَوْ عَدِمَهَا؛ حَرُمَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَادَّعَى ابْنُ خَيْرٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْقُلَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ رِوَايَةٌ - وَلَوْ بِالْإِجَازَةِ - انْتَهَى.
(وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بِهَا) أَيْ: الْمَدْرَسَةِ (طَالِبٌ مُتَفَقِّهًا) وَلَوْ لَمْ يُنَصِّبْهُ نَاصِبٌ اسْتَحَقَّ؛ لِوُجُودِ التَّفَقُّهِ (وَكَذَا) لَوْ شُرِطَ الصَّرْفُ الْمُطْلَقُ إلَى (إمَامِ) مَسْجِدٍ (وَنَحْوِ مُؤَذِّنِهِ) كَقَيِّمِهِ فَأَمَّ إمَامٌ، وَرَضِيَهُ الْجِيرَانُ أَوْ أَذَّنَ فِيهِ مُؤَذِّنٌ، أَوْ قَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute