بِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ قَائِمٌ؛ كَانَ مُسْتَحِقًّا؛ لِوُجُودِ الشَّرْطِ (وَمَعَ شَرْطِ وَاقِفٍ نَحْوِ نَاظِرٍ) كَأَمِينٍ (وَمُدَرِّسٍ وَمُعِيدٍ وَإِمَامٍ لَمْ يَجُزْ قِيَامُ شَخْصٍ) وَاحِدٍ بِالْوَظَائِفِ كُلِّهَا (وَلَوْ أَمْكَنَهُ جَمْعٌ بَيْنَهَا) صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ الْكَبِيرِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: إنْ أَمْكَنَ النَّاظِرُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْوَظَائِفِ لِوَاحِدٍ فَعَلَ.
(وَ) قَالَ (فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ") وَ (لَا) يَجُوزُ أَنْ (يَؤُمَّ) فِي الْمَسَاجِدِ السُّلْطَانِيَّةِ وَهِيَ (الْجَوَامِعُ الْكِبَارُ إلَّا مَنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ) لِئَلَّا يُفْتَأَتَ عَلَيْهِ فِيمَا وُكِّلَ إلَيْهِ، وَإِنْ نَدَبَ لَهُ إمَامَيْنِ، وَخَصَّ كُلًّا مِنْهُمَا بِبَعْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ؛ جَازَ؛ كَمَا فِي تَخْصِيصِ أَحَدِهِمَا بِصَلَاةِ النَّهَارِ وَالْآخَرِ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، فَإِنْ لَمْ يُخَصِّصْ فَهُمَا سَوَاءٌ وَأَيُّهُمَا سَبَقَ كَانَ أَحَقَّ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَؤُمَّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِقَوْمٍ آخَرِينَ وَإِنْ حَضَرَا مَعًا وَتَنَازَعَا؛ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا؛ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ.
(وَيَسْتَنِيبُ) مَنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ (إنْ غَابَ) وَيَصِيرُ نَائِبُهُ أَحَقَّ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، وَإِنْ غَابَ وَلَمْ يُقِمْ نَائِبًا؛ فَيُقَدَّمُ مَنْ رَضِيَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ؛ لِتَعَذُّرِ إذْنِهِ (وَمَا بَنَاهُ أَهْلُ الشَّوَارِعِ وَالْقَبَائِلِ مِنْ الْمَسَاجِدِ فَالْإِمَامَةُ لِمَنْ رَضُوهُ) لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمْ فِي أَئِمَّةِ مَسَاجِدِهِمْ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) اتِّفَاقُهُمْ عَلَى وَاحِدٍ (فَلِرَئِيسِ الْقَرْيَةِ) نَصْبُ إمَامٍ عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مِثْلِهِ (وَلَيْسَ لَهُمْ بَعْدَ الرِّضَا) بِهِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ (عَزْلُهُ) عَنْ إمَامَتِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُمْ بِهِ كَالْوِلَايَةِ، فَلَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ (مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ) بِنَحْوِ فِسْقٍ أَوْ مَا يَمْنَعُ الْإِمَامَةَ (لَكِنْ يَسْتَنِيبُ إنْ غَابَ) قَالَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْجِيرَانِ لَهُ لَيْسَ وِلَايَةً، وَإِنَّمَا قُدِّمَ لِرِضَاهُمْ بِهِ.
وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رِضَاهُمْ بِهِ الرِّضَى بِنَائِبِهِ كَمَا فِي الْوَصِيِّ بِالصَّلَاةِ عَلَى مَيِّتٍ، بِخِلَافِ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ أَوْ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ صَارَ لَهُ بِالْوِلَايَةِ، فَجَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ (وَأَقَلُّ مَا يُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْإِمَامِ) الَّذِي نَصَّبَهُ جِيرَانُ الْمَسْجِدِ أَوْ رَئِيسُ الْقَرْيَةِ (الْعَدَالَةُ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَالْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ) فِي الصَّلَاةِ (وَالْعِلْمُ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ) وَمَا يُعْتَبَرُ بِهَا مِنْ صِحَّةٍ وَفَسَادٍ.
(قَالَ الْحَارِثِيُّ) : فَجُعِلَ نَصْبُ الْإِمَامِ فِي هَذَا النَّوْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute