لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَيْ: جِيرَانِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْإِمَامِ النَّصْبَ أَيْضًا) لِأَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ (لَكِنْ لَا يُنَصِّبُ إلَّا بِرِضَى الْجِيرَانِ) عِبَارَتُهُ لَا يُنَصِّبُ إلَّا مَنْ يَرْضَاهُ الْجِيرَانُ (وَكَذَا نَاظِرٌ خَاصٌّ، فَلَا يُنَصِّبُ مَنْ لَا يَرْضَوْنَهُ) أَيْ: الْجِيرَانُ؛ لِمَا فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ صَلَاةً، مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» .
وَذُكِرَ بَقِيَّةُ الْخَبَرِ، وَقَالَ الْحَارِثِيُّ أَيْضًا مَا مَعْنَاهُ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ مَعَ وُجُودِ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ نَصْبُ نَاظِرٍ فِي مَصَالِحِهِ وَوَقْفِهِ كَمَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْقَاضِي كَالْقُرَى الصِّغَارِ وَالْأَمَاكِنِ النَّائِيَةِ، أَوْ وُجِدَ وَكَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ وُجِدَ وَهُوَ مَأْمُونٌ، لَكِنَّهُ يُنَصِّبُ غَيْرَ مَأْمُونٍ؛ فَلِأَهْلِهِ النَّصْبُ؛ تَحْصِيلًا لِلْغَرَضِ، وَدَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ، وَكَذَا مَا عَدَا الْمَسْجِدَ مِنْ الْأَوْقَافِ لِأَهْلِهِ نَصْبُ نَاظِرٍ فِيهِ كَذَلِكَ؛ أَيْ: لِعَدَمِ وُجُودِ الْقَاضِي الْمَأْمُونِ نَاصِبًا لِمَأْمُونٍ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": (وَيَجِبُ أَنْ يُوَلَّى فِي الْوَظَائِفِ وَإِمَامَةِ الْمَسَاجِدِ الْأَحَقُّ شَرْعًا) وَأَنْ يَعْمَلَ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلٍ وَاجِبٍ.
وَقَالَ فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ": الْإِمَامَةُ بِالنَّاسِ طَرِيقُهَا الْأَوْلَى لَا الْوُجُوبُ، بِخِلَافِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَالنِّقَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَاضَى النَّاسُ بِإِمَامٍ يُصَلِّي لَهُمْ صَحَّ (وَلَيْسَ لِلنَّاسِ أَنْ يُوَلُّوا عَلَيْهِمْ الْفُسَّاقُ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْوِلَايَةُ خَاصَّةً أَوْ عَامَّةً قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَالْحَاصِلُ إنْ كَانَ النَّظَرُ لِغَيْرِ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ نَاظِرٍ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شَرْطِ الْعَدَالَةِ، وَإِنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ [مِنْ] وَاقِفٍ وَهُوَ فَاسِقٌ أَوْ عَدْلٌ فَفَسَقَ؛ صَحَّ، وَضُمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ (وَمَنْ قُرِّرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِوَظِيفَةٍ عَلَى وَفْقِ الشَّرْعِ حَرُمَ) عَلَى نَاظِرٍ وَغَيْرِهِ (صَرْفُهُ عَنْهَا بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ) يَقْتَضِي ذَلِكَ كَتَعْطِيلِهِ الْقِيَامَ بِهَا وَفِسْقٍ يُنَافِيهَا، وَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ وَلَوْ عَيَّنَهُ وَاقِفٌ (وَمَنْ لَمْ يُقَمْ بِوَظِيفَةِ بَدَلٍ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ؛ أَيْ: غَيَّرَهُ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ (بِمَنْ يَقُومُ بِهَا) تَحْصِيلًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ (إنْ لَمْ يَتُبْ وَيَلْتَزِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute