بِحَيْثُ لَا يَرُدُّ) الْوَقْفُ (شَيْئًا) عَلَى أَهْلِهِ (أَوْ يَرُدُّ شَيْئًا لَا يُعَدُّ نَفْعًا) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَتَتَعَذَّرُ عِمَارَتُهُ وَعَوْدُ نَفْعِهِ (وَلَمْ يُوجَدْ) فِي رِيعِ الْوَقْفِ (مَا يُعَمَّرُ بِهِ وَلَوْ) كَانَ الْخَارِبُ الَّذِي تَعَطَّلَتْ مَنْفَعَتُهُ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ (مَسْجِدًا) حَتَّى (بِضِيقِهِ عَلَى أَهْلِهِ) الْمُصَلِّينَ بِهِ، وَتَعَذَّرَ تَوْسِيعُهُ فِي مَحَلِّهِ (أَوْ) كَانَ مَسْجِدًا، وَتَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهِ (لِخَرَابِ مَحَلَّتِهِ) أَيْ: النَّاحِيَةِ الَّتِي بِهَا الْمَسْجِدُ (أَوْ اسْتِقْذَارِ مَوْضِعِهِ) قَالَ الْقَاضِي: يَعْنِي إذَا كَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ (أَوْ) كَانَ الْوَقْفُ (حَبِيسًا لَا يَصْلُحُ لِغَزْوٍ، فَيُبَاعُ) وُجُوبًا.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَإِنَّمَا يَجِبُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَلْزَمُهُ فِعْلُ الْمَصْلَحَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَغَيْرِهَا (وَلَوْ شَرَطَ) وَاقِفُهُ (عَدَمَ بَيْعِهِ، وَشَرْطُهُ) إذَنْ (فَاسِدٌ) نَصًّا، وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ وَمَنْفَعَةٌ لَهُمْ؛ لِحَدِيثِ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ» . إلَى آخِرِهِ (وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ) إنْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّ فِي إقَامَةِ الْبَدَلِ مَقَامَهُ تَأْبِيدًا لَهُ وَتَحْقِيقًا لِلْمَقْصُودِ، فَتَعَيَّنَ وُجُوبُهُ (أَوْ فِي بَعْضِ مِثْلِهِ) قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " قَالَهُ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ.
وَقَالَ الْخِرَقِيِّ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ جِنْسِ الْوَقْفِ الَّذِي بِيعَ، بَلْ أَيَّ شَيْءٍ اُشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ مِمَّا يُرَدُّ عَلَى الْوَقْفِ؛ جَازَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَأَمَّا الْمَسْجِدُ وَنَحْوُهُ فَلَيْسَ مِلْكًا لِمُعَيَّنٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِلْكٌ لِلَّهِ فَإِذَا جَازَ إبْدَالُهُ بِخَيْرٍ مِنْهُ لِلْمَصْلَحَةِ؛ فَالْمَوْقُوفُ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْلَى بِأَنْ يُعَوَّضَ بِالْبَدَلِ، وَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ الْبَدَلُ، وَالْإِبْدَالُ بِجِنْسِهِ مِمَّا هُوَ أَنْفَعُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَقَالَ: إذَا كَانَ يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ الْمَوْقُوفِ الَّذِي يُوقَفُ لِلِانْتِفَاعِ بِعَيْنِهِ - وَعَيْنُهُ مُحْتَرَمَةٌ شَرْعًا - يَجُوزُ أَنْ يُبْدَلَ بِهِ غَيْرُهُ لِلْمَصْلَحَةِ، لِكَوْنِ الْبَدَلُ أَنْفَعَ وَأَصْلَحَ وَإِنْ لَمْ تَتَعَطَّلْ مَنْفَعَتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيَعُودُ الْأَوَّلُ طَلْقًا مَعَ أَنَّهُ مَعَ مُتَعَطِّلٍ نَفَعُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، فَلَأَنْ يَجُوزَ الْإِبْدَالُ بِالْأَنْفَعِ وَالْأَصْلَحِ فِيمَا يُوقَفُ لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْلَى وَأَحْرَى، فَإِنَّهُ عِنْدَ أَحْمَدَ يَجُوزُ مَا يُوقَفُ لِلِاسْتِغْلَالِ لِلْحَاجَةِ قَوْلًا وَاحِدًا.
وَفِي بَيْعِ الْمَسْجِدِ رِوَايَتَانِ، فَإِذَا جُوِّزَ عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ أَنْ يُجْعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute