{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: ٤٢] نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ كَانُوا يَسْمَعُونَ لِمَنْ يَكْذِبُ عِنْدَهُمْ، وَيَأْخُذُونَ الرِّشْوَةَ مِمَّنْ يَحْكُمُونَ لَهُ، وَالْهَدِيَّةَ مِمَّنْ يَشْفَعُونَ فِيهِ ".
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: السُّحْتُ خَمْسَةَ عَشَرَ: الرِّشْوَةُ وَمَهْرُ الْبَغْيِ، وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ، وَالنَّرْدُ، وَالْخَمْرُ، وَالْخِنْزِيرُ، وَالْمَيْتَةُ، وَالدَّمُ، وَعَسْبُ الْفَحْلِ، وَأَجْرُ النَّائِحَةِ، وَالْمُغَنِّيَةِ، وَالسَّاحِرِ، وَأَجْرُ مُصَوِّرِ التَّمَاثِيلِ.
(وَإِنْ شُرِطَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (فِيهَا) ؛ أَيْ: الْهِبَةِ (عِوَضٌ مَعْلُومٌ فَ) هُوَ (بَيْعٌ صَحِيحٌ) نَصًّا كَشَرْطِهِ فِي عَارِيَّةٍ، فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ مَجْلِسٍ وَنَحْوِهِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَاللُّزُومِ قَبْلَ التَّقَابُضِ، وَضَمَانِ الدَّرْكِ، وَوُجُوبِ التَّسَاوِي مَعَ التَّقَابُضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فِي الرِّبَوِيِّ الْمُتَّحِدِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك أَوْ مَلَّكْتُك هَذَا بِهَذَا.
(وَ) إنْ شُرِطَ فِي الْهِبَةِ ثَوَابٌ (مَجْهُولٌ فَ) هُوَ بَيْعٌ (فَاسِدٌ) لِأَنَّهُ عِوَضٌ مَجْهُولٌ فِي مُعَاوَضَةٍ؛ فَلَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ، وَحَيْثُ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، فَتُرَدُّ بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُ الْوَاهِبِ، وَإِنْ تَلِفَتْ أَوْ زَوَائِدُهَا؛ ضَمِنَهَا بِمِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَافِئَهُ بِالشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
(وَ) إنْ صَدَرَتْ الْهِبَةُ مِنْ شَخْصٍ لِآخَرَ (مَعَ إطْلَاقٍ) بِأَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا؛ فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا (لَا تَقْتَضِي عِوَضًا، وَلَوْ) كَانَ الْمُهْدِي إنَّمَا (أَعْطَاهُ) الْهَدِيَّةَ (لِيُعَاوِضَهُ) عَنْهَا (أَوْ) أَعْطَاهُ الْهَدِيَّةَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ الْمُهْدَى إلَيْهِ (يَقْضِي لَهُ) ؛ أَيْ: لِمَنْ أَهْدَى (حَاجَةً) وَلَمْ يُصَرِّحْ لَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ اللَّفْظِ انْتِفَاءُ الْعِوَضِ وَالْقَرِينَةُ لَا تُسَاوِيهِ؛ فَلَا يَصِحُّ إعْمَالُهَا، وَلِهَذَا لَمْ نُلْحِقْهُ بِالشَّرْطِ.
(أَوْ) كَانَتْ الْهَدِيَّةُ (مِنْ) شَخْصٍ لِمِثْلِهِ، أَوْ كَانَتْ مِنْ (أَدْنَى لِأَعْلَى مِنْهُ) وَقَوْلُ عُمَرَ: مَنْ وَهَبَ هِبَةً يُرِيدُ بِهَا الثَّوَابَ؛ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إذَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا جَوَابَهُ بِأَنَّهَا هِبَةٌ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ، فَلَمْ تَقْتَضِ ثَوَابًا كَالْوَصِيَّةِ، وَقَوْلُ عُمَرَ خَالَفَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute