(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَهْدَى لَهُ حَيَاءً، إمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ، (أَوْ) يَجِبُ عَلَيْهِ (الْعِوَضُ) وَأَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مِثْلَهَا أَوْ خَيْرًا مِنْهَا.
(وَ) يَتَّجِهُ مَا ذَكَرَ (أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى) مَنْ كَانَ (بَذِيءَ لِسَانٍ) ؛ أَيْ: فَاحِشَهُ (يُخَافُ مِنْهُ) التَّسَلُّطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُكَافِئْهُ بِالْهَجْوِ وَ (الذَّمِّ) فَإِذَا عَلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعَوِّضَهُ عَنْ هَدِيَّتِهِ خُرُوجًا مِنْ عُهْدَتِهِ وَاسْتِنْقَاذًا لَهُ مِنْ تَمْزِيقِ عِرْضِهِ وَارْتِكَابِهِ إثْمَ الْغِيبَةِ.
(وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ يُحَرَّمُ أَكْلُ نَحْوِ طُفَيْلِيٍّ) كَمِلْحٍ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ طَعَامٌ لِيَسْتَحِي مِنْهُ وَيُطْعِمَهُ. وَالطُّفَيْلِيُّ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى مَائِدَةِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ وَلَا إذْنٍ مِنْهُ (وَ) يُحَرَّمُ أَكْلُ (ضَيْفٍ كَذَلِكَ) أَيْ: عَلَى وَجْهِ الْمُحَابَاةِ بِأَنْ يُقِيمَ فِي الْقَرْيَةِ زِيَادَةً عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَيُكَلِّفَ أَهْلَهَا أَنْ يُضَيِّفُوهُ، فَيَسْتَحْيُونَ، وَيُطْعِمُونَهُ؛ فَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ مِنْ زَادِهِمْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْغَاصِبِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَيَجِبُ عَلَى مَنْ شَفَعَ شَفَاعَةً لِآخَرَ، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ؛ لِمَا (فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد: «مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ شَفَاعَةً، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً؛ فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا» ) .
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَمِنْهَا الْهَدِيَّةُ لِمَنْ يَشْفَعُ لَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ؛ فَلَا يَجُوزُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي: وَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهَا كَالْأُجْرَةِ، وَالشَّفَاعَةِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ؛ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا.
وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ، فَأَدَّاهَا، فَأُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيَّةٌ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهَا إلَّا بِنِيَّةِ الْمُكَافَأَةِ انْتَهَى.
(وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَنْبَغِي لِلْخَاطِبِ إذَا خَطَبَ لِقَوْمٍ) امْرَأَةً (أَنْ يَقْبَلَ لَهُمْ هَدِيَّةً) لِأَنَّ الْخَاطِبَ كَالشَّفِيعِ؛ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمَسْرُوقٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي قَوْله تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute