وَاهِبٍ فِي قَبْضِ هِبَةٍ.
وَ (لَا) تَبْطُلُ (هِيَ) ؛ أَيْ: الْهِبَةُ (بِمَوْتِ وَاهِبٍ) فَيَبْطُلُ إذْنُهُ لِلْمُتَّهِبِ بِمَوْتِهِ، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ ثُمَّ مَاتَ (كَ) مَا تَبْطُلُ (هِيَ) ؛ أَيْ: الْهِبَةُ (بِمَوْتِ مُتَّهِبٍ) قَبْلَ قَبْضِ مَوْهُوبٍ، وَ (لَا) تَبْطُلُ الْهِبَةُ بِمَوْتِ مُتَّهِبٍ (بَعْدَ قَبْضِ وَكِيلِهِ) لِلُزُومِهَا بِالْقَبْضِ، وَأَمَّا إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَبْلَ الْقَبُولِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَقْدِ، وَإِنْ مَاتَ وَاهِبٌ قَبْلَ إقْبَاضٍ وَرُجُوعٍ لَمْ تَبْطُلْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ عَقْدًا مَآلُهُ إلَى اللُّزُومِ، فَلَمْ يَنْفَسِخْ بِمَوْتِهِ كَمَوْتِ الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ (وَيَقُومُ وَارِثٌ وَاهِبٌ مَقَامَهُ فِي إذْنٍ) فِي الْقَبْضِ (وَ) فِي رُجُوعٍ فِي الْهِبَةِ، إذْ عَقْدُ الْهِبَةِ بِالْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْخِيَارُ أَشْبَهُ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ.
تَكْمِيلٌ: وَإِنْ وَهَبَ إنْسَانٌ لِغَائِبٍ هِبَةً وَأَنْفَذَهَا الْوَاهِبُ مَعَ رَسُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ وَكِيلِهِ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ وُصُولِهَا؛ لَزِمَ حُكْمُهَا، وَكَانَتْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ قَبْضَهَا كَقَبْضِهِ، فَلَا يُؤَثِّرُ الْمَوْتُ بَعْدَ لُزُومِهَا.
وَإِنْ أَنْفَذَهَا الْوَاهِبُ مَعَ رَسُولِ نَفْسِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ؛ بَطَلَتْ وَكَانَتْ لِلْوَاهِبِ أَوْ وَرَثَتِهِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ؛ لِحَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ: «لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا: إنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقٍ مِسْكٍ، وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إلَّا قَدْ مَاتَ وَلَا أَرَى هَدِيَّتِي إلَّا مَرْدُودَةً عَلَيَّ، فَإِنْ رُدَّتْ فَهِيَ لَك. قَالَتْ: فَكَانَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرُدَّتْ عَلَيْهِ هَدِيَّتُهُ، فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةً مِنْ مِسْكٍ وَأَعْطَى أُمَّ سَلَمَةَ بَقِيَّةَ الْمِسْكِ وَالْحُلَّةَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَبُطْلَانُ الْهِبَةِ إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ بَعْدَ بَعْثِ رَسُولِهِ بِالْهَدِيَّةِ؛ لِعَدَمِ الْقَبُولِ كَمَا يَأْتِي، وَلَيْسَ لِلرَّسُولِ حَمْلُ الْهِبَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ صَارَ إلَيْهِ، وَكَذَا حُكْمُ هَدِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ، لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ مِنْ الْهِبَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute