للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ، وَيُعْطِيه، قَالَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ كُلَّهُمْ مِثْلَ مَا أَعْطَاهُ، أَوْ يَمْنَحُهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ.

وَرَوَى عَنْهُ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرُهُ مَعْنَى ذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَوْعَبَهَا الْحَارِثِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (إلَّا فِي نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ فَتَجِبُ الْكِفَايَةُ) دُونَ التَّعْدِيلِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَضِّلَ أَحَدًا مِنْ وَلَدِهِ فِي طَعَامٍ وَغَيْرِهِ.

قَالَ إبْرَاهِيمُ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ حَتَّى فِي الْقُبَلِ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَدَخَلَ فِيهِ نَظَرٌ وَوَقْفٌ (وَحَلَّ) لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ وَغَيْرِهِمَا (تَفْضِيلٌ) لِبَعْضِ أَقَارِبِهِ الَّذِينَ يَرِثُونَهُ (بِإِذْنٍ بَاقٍ) مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ التَّخْصِيصِ كَوْنُهُ يُوَرِّثُ الْعَدَاوَةَ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ مَعَ الْإِذْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِالْعَطِيَّةِ، أَوْ فَضَّلَهُ بِالْإِعْطَاءِ بِلَا إذْنِ الْبَاقِي (أَثِمَ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَرَجَعَ) الْأَبُ وُجُوبًا دُونَ الْأُمِّ وَغَيْرِهَا فِيمَا خُصَّ بِهِ أَوْ فَضَّلَ (إنْ جَازَ) أَيْ: إنْ أَمْكَنَ رُجُوعُهُ بِهِ بِأَنْ كَانَ بَاقِيًا، وَقَدَرَ عَلَى اسْتِرْجَاعِهِ، أَوْ (أَعْطَى حَتَّى يَسْتَوُوا) بِمَنْ خَصَّهُ نَصًّا (فَلَوْ زَوَّجَ أَحَدَ ابْنَيْهِ) فِي صِحَّتِهِ (بِصَدَاقٍ) أَدَّاهُ الْأَبُ (مِنْ عِنْدِهِ) ثُمَّ مَرِضَ الْأَبُ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ (وَجَبَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْأَبِ (إعْطَاءُ) ابْنِهِ (الْآخَرِ مِثْلَهُ) أَيْ: مِثْلَ مَا أَعْطَى الْأَوَّلَ لِيَسْتَوِيَ بِمَنْ خَصَّهُ.

قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ ": وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ (وَلَوْ بِمَرَضِ مَوْتِهِ) لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا وَاجِبَةٌ، وَلَا طَرِيقَ لَهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إلَّا بِعَطِيَّةِ الْآخَرِ، فَتَكُونُ وَاجِبَةً؛ إذْ لَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ هُنَاكَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مَلَكَتْ الصَّدَاقَ بِالْعَقْدِ (وَلَا يُحْسَبُ) مَا يُعْطِيه الْأَبُ لِابْنِهِ الثَّانِي (مِنْ الثُّلُثِ) مَعَ أَنَّهُ عَطِيَّةٌ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (لِأَنَّهُ تَدَارُكٌ لِلْوَاجِبِ؛ أَشْبَهَ قَضَاءَ الدَّيْنِ) وَيَجُوزُ لِلْأَبِ تَمَلُّكُ مَا يُعْطِيه لِلتَّسْوِيَةِ بِلَا حِيلَةٍ، قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ؛ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ " (فَإِنْ مَاتَ) مُعْطٍ (قَبْلَهُ) أَيْ: التَّعْدِيلِ (وَلَيْسَتْ) الْعَطِيَّةُ (بِمَرَضِ مَوْتِهِ) الْمَخُوفِ (ثَبَتَتْ الْعَطِيَّةُ لِآخِذٍ) فَلَا يَمْلِكُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ الرُّجُوعَ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ وَالْمَيْمُونِيِّ؛ لِخَبَرِ الصِّدِّيقِ، وَتَقَدَّمَ، وَكَمَا لَوْ كَانَ الْآخِذُ أَجْنَبِيًّا؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لِذِي رَحِمٍ؛ فَلَزِمَتْ بِالْمَوْتِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>