للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتُحَرَّمُ الشَّهَادَةُ عَلَى تَفْضِيلٍ أَوْ تَخْصِيصٍ تَحَمُّلًا وَأَدَاءً) وَلَوْ كَانَ الْأَدَاءُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُخَصِّصِ وَالْمُفَضِّلِ (إنْ عَلِمَ) الشَّاهِدُ بِالتَّخْصِيصِ أَوْ التَّفْضِيلِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: لِبَشِيرٍ «لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ» .

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ وَرَدَ بِلَفْظِ «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي» ، وَهُوَ أَمْرٌ، وَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ الِاسْتِحْبَابُ، فَكَيْفَ تُحَرَّمُ الشَّهَادَةُ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ تَهْدِيدٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠] وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْ هَذَا الْمَعْنَى بَشِيرٌ لَبَادَرَ إلَى الِامْتِثَالِ، وَلَمْ يَرُدَّ الْعَطِيَّةَ (وَكَذَا) فِي حُكْمِ تَحْرِيمِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ (كُلُّ عَقْدٍ فَاسِدٍ عِنْدَهُ) أَيْ: الشَّاهِدِ، فَتُحَرَّمُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ تَحَمُّلًا وَأَدَاءً كَنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَبَيْعٍ غَيْرِ مَرْئِيٍّ وَلَا مَوْصُوفٍ؛ لِاعْتِقَادِهِ عَدَمَ جَوَازِهِ قِيَاسًا عَلَى التَّخْصِيصِ إنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ مَنْ يَرَاهُ

(وَلَا يَجِبُ عَلَى مُسْلِمٍ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ [مِنْ أَهْلِ] الذِّمَّةِ) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ لَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ مِنْهُ.

تَنْبِيهٌ: وَلَا فَرْقَ فِي امْتِنَاعِ التَّخْصِيصِ وَالتَّفْضِيلِ بَيْنَ كَوْنِ الْبَعْضِ ذَا حَاجَةٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ عَمًى أَوْ عِيَالٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ لَا، وَلَا كَوْنِ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَاسِقًا أَوْ مُبْتَدِعًا أَوْ مُبَذِّرًا، أَوْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى فِي الرَّجُلِ لَهُ الْوَلَدُ الْبَارُّ الصَّالِحُ وَآخَرُ غَيْرُ بَارٍّ؛ لَا يُنِيلُ الْبَارَّ دُونَ الْآخَرِ (وَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ) كَابْنِ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَالنَّاظِمِ (جَوَازَ تَفْضِيلٍ) لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ (لِمَعْنَى حَاجَةٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ عَمًى أَوْ كَثْرَةِ عَائِلَةٍ أَوْ اشْتِغَالٍ بِعِلْمٍ) وَنَحْوِهِ كَصَلَاحٍ (وَكَذَا لَوْ مَنَعَهُ) أَيْ: مَنَعَ الْأَبُ بَعْضَ وَلَدِهِ (لِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ أَوْ كَوْنِهِ يَعْصِي اللَّهَ بِمَا يَأْخُذُهُ) اسْتِدْلَالًا بِتَخْصِيصِ الصِّدِّيقِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَيْسَ إلَّا لِامْتِيَازِهَا بِالْفَضْلِ، وَلَنَا عُمُومُ الْأَمْرِ بِالتَّسْوِيَةِ، وَفِعْلُ الصِّدِّيقِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَحَلَ مَعَهَا غَيْرَهَا، أَوْ أَنَّهُ نَحَلَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَنْحَلَ غَيْرَهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>