بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْوَارِدِ وَكَلَامِ الْأَطِبَّاءِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى ظُهُورَ الطَّاعُونِ أَفْسَدَ الْهَوَاءَ، وَجَعَلَهُ مُتَعَفِّنًا، فَتَخْرُجُ بِسَبَبِهِ الْجِنُّ، لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِهِمْ تَتَبُّعَ الْعُفُونَاتِ، فَيَخْتَلِطُونَ بِالنَّاسِ، فَيَظْهَرُ مِنْهُمْ مَا سُلِّطُوا بِهِ، وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ
(أَوْ) (قَدِمَ لِقَتْلٍ) قِصَاصًا أَوْ غَيْرَهُ فَلِمَرَضٍ مَخُوفٍ، وَأَوْلَى لِظُهُورِ التَّلَفِ وَقُرْبِهِ (أَوْ حَبْسٍ لَهُ) - أَيْ: الْقَتْلِ، أَوْ حُبِسَ (أَوْ) أُسِرَ (عِنْدَ مَنْ عَادَتُهُ الْقَتْلُ) فَكَمَرَضٍ مَخُوفٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَقَّبُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَتَهُمْ الْقَتْلُ فَعَطَايَاهُ كَصَحِيحٍ (أَوْ جُرِحَ جُرْحًا مُوحِيًا مَعَ ثَبَاتِ عَقْلِهِ) لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا جُرِحَ سَقَاهُ الطَّبِيبُ لَبَنًا، فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: اعْهَدْ إلَى النَّاسِ، فَعَهِدَ إلَيْهِمْ، وَوَصَّى فَاتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى قَبُولِ عَهْدِهِ وَوَصِيَّتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ عَهِدَ إلَى عُمَرَ فَنَفَّذَ عَهْدَهُ، وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ ضَرْبِ ابْنَ مُلْجِمٍ أَوْصَى وَأَمَرَ وَنَهَى، فَلَمْ يُحْكَمْ بِبُطْلَانِ قَوْلِهِ، وَمَعَ عَدَمِ ثَبَاتِ عَقْلِهِ لَا حُكْمَ لِعَطِيَّتِهِ، بَلْ وَلَا لِكَلَامِهِ.
(وَحَامِلٌ عِنْدَ مَخَاضِ) - أَيْ: طَلَّقَ - نَصًّا.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَالْأَشْهَرُ (مَعَ أَلَمٍ حَتَّى تَنْجُوَ) يَعْنِي مِنْ نِفَاسِهَا؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ ضَرْبِ الْمَخَاضِ لَا تَخَافُ الْمَوْتَ، فَأَشْبَهَتْ صَاحِبَ الْمَرَضِ الْمُمْتَدِّ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ صَاحِبُ فِرَاشٍ، فَإِنْ خَرَجَ الْوَلَدُ وَالْمَشِيمَةُ، وَحَصَلَ هُنَاكَ وَرَمٌ أَوْ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ، أَوْ رَأَتْ دَمًا كَثِيرًا فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْجُ بَعْدُ، وَالسَّقْطُ كَالْوَلَدِ التَّامِّ.
(وَلَوْ وَضَعَتْ مُضْغَةً) فَعَطَايَاهَا كَعَطَايَا الصَّحِيحِ، إنْ لَمْ يَكُنْ أَلَمٌ (وَ) إنْ كَانَ (ثَمَّ مَرَضٌ) أَوْ أَلَمٌ؛ فَكَمَرَضٍ (مَخُوفٍ) لِلْخَوْفِ الشَّدِيدِ (وَكَمَيِّتٍ) فِي الْحُكْمِ - أَيْ: مِنْ جِهَةِ عَدَمِ نُفُوذِ عَطَايَاهُ وَتَبَرُّعَاتِهِ - لَا مُطْلَقًا فَلَوْ مَاتَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ وَرِثَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَكَلَامِ الْمُوَفَّقِ (مَنْ ذُبِحَ أَوْ أُبِينَتْ) أَيْ: فُصِلَتْ وَأُخْرِجَتْ، لَا إنْ شُقَّتْ وَهِيَ فِي الْبَطْنِ (حُشْوَتُهُ وَهِيَ أَمْعَاؤُهُ) فَلَا يُعْتَدُّ بِكَلَامِهِ (لَا خَرْقَهَا) وَقَطْعَهَا (فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ إبَانَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute