للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيِّنَةٍ) أَوْ عَلَيْهِ وَاجِبٌ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ (فَ) يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ (يُوصِيَ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ) لِأَنَّ أَدَاءَ الْأَمَانَاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَاجِبٌ.

(وَتُسَنُّ) الْوَصِيَّةُ (لِمَنْ تَرَكَ خَيْرًا) . لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] . نَسَخَ الْوُجُوبَ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ التَّرْكِ، بَقِيَ الرُّجْحَانُ، وَهُوَ الِاسْتِحْبَابُ يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا ابْنَ آدَمَ جَعَلْتُ لَك نَصِيبًا مِنْ مَالِك حِينَ أَخَذْتَ بِكَظْمِكَ لِأُطَهِّرَك وَأُزَكِّيَك} .

(وَهُوَ) أَيْ: الْخَيْرُ (الْمَالُ الْكَثِيرُ عُرْفًا) فَلَا يَتَقَدَّرُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي تَقْدِيرِهِ (بِخُمُسِهِ) - أَيْ: مَالِهِ - مُتَعَلِّقٌ بِتُسَنُّ. رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَصَّيْت بِمَا رَضِيَ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ لِنَفْسِهِ يَعْنِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: ٤١] (لِقَرِيبٍ فَقِيرٍ) لَا يَرِثُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ الْوَصِيَّةَ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، فَخَرَجَ مِنْهُ الْوَارِثُونَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» .

وَبَقِيَ سَائِرُ الْأَقَارِبِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لَهُمْ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ الِاسْتِحْبَابُ، وَلِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ أَفْضَلُ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ قَرِيبٌ فَقِيرٌ وَتَرَكَ خَيْرًا (فَ) الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُوصِيَ (لِمِسْكِينٍ وَعَالِمٍ) فَقِيرٍ (وَدَيْنِ) فَقِيرٍ وَابْنِ سَبِيلٍ وَغَازٍ (وَتُكْرَهُ) وَصِيَّةٌ (لِفَقِيرٍ) - أَيْ: مِنْهُ - إنْ كَانَ (لَهُ وَرَثَةٌ) مَحَاوِيجُ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنْ تَتْرُكْ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً» . وَلِأَنَّ إعْطَاءَ الْقَرِيبِ الْمُحْتَاجِ خَيْرٌ مِنْ إعْطَاءِ الْغَنِيِّ، فَمَتَى لَمْ يَبْلُغْ الْمِيرَاثُ غِنَاهُمْ كَانَ تَرْكُهُ لَهُمْ كَعَطِيَّتِهِمْ إيَّاهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِهِمْ، فَعَلَى هَذَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ فِي كَثْرَتِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ وَغِنَاهُمْ وَفَقْرِهِمْ (إلَّا مَعَ غِنَاهُمْ) - أَيْ: الْوَرَثَةِ - (فَتُبَاحُ) الْوَصِيَّةُ. قَالَ فِي " التَّبْصِرَةِ " رَوَاهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. وَقَالَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>