خَتَمَهَا) مُوصٍ (وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا) مَخْتُومَةً، وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّاهِدُ مَا فِيهَا (وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهَا) - أَيْ: الْوَصِيَّةَ - (بِخَطِّهِ) - أَيْ: الْمُوصِي - فَلَا يُعْمَلُ بِهَا؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا تَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ بِمَا فِيهَا بِمُجَرَّدِ هَذَا الْقَوْلِ، لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا فِيهَا، لَكِنْ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ خَطُّهُ مِنْ خَارِجٍ عُمِلَ بِهِ، لَا بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهَا كَكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، وَعَكْسُ الْوَصِيَّةِ الْحُكْمُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الْحُكْمُ بِرُؤْيَةِ خَطِّ الشَّاهِدِ احْتِيَاطًا لِلْحُكْمِ، وَلَوْ رَأَى الْحَاكِمُ حُكْمَهُ بِخَطِّهِ تَحْتَ خَتْمِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ، أَوْ رَأَى الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ بِخَطِّهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَةَ؛ لَمْ يَجُزْ لِلْحَاكِمِ إنْفَاذُ الْحُكْمِ بِمَا وَجَدَهُ بِخَطِّهِ تَحْتَ خَتْمِهِ وَلَا لِلشَّاهِدِ الشَّهَادَةُ بِمَا رَأَى خَطَّهُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ احْتِيَاطًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَالْوَصِيَّةِ أَنَّهَا سُومِحَ فِيهَا بِصِحَّتِهَا مَعَ الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ، وَبِالْمَعْدُومِ وَالْمَجْهُولِ؛ فَجَازَتْ الْمُسَامَحَةُ فِيهَا بِالْعَمَلِ بِالْخَطِّ كَالرِّوَايَةِ، بِخِلَافِ الْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ فِي صَدْرِ وَصِيَّتِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ فُلَانٌ) ابْنُ فُلَانٍ (أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ؛ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأُوصِي مَنْ تَرَكْت مِنْ أَهْلِي أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَيُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ. وَأُوصِيهِمْ بِمَا أَوْصَى بِهِ إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٢] . لِمَا ثَبَتَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: هَكَذَا كَانُوا يُوصُونَ. أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَفِي أَوَّلِهِ: كَانُوا يَكْتُبُونَ فِي صُدُورِ وَصَايَاهُمْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَوْصَى.
(وَتَجِبُ) الْوَصِيَّةُ (عَلَى مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ) كَدَيْنٍ بِلَا بَيِّنَةٍ أَوْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ (بِلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute