ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ) أَوْ حَيْثُ يُرِيكَ اللَّهُ (فَلَهُ صَرْفُهُ فِي أَيِّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْقُرَبِ) رَأَى وَضْعَهُ فِيهِ؛ عَمَلًا بِمُقْتَضَى وَصِيَّتِهِ (وَالْأَفْضَلُ صَرْفُهُ لِفُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ) ؛ أَيْ: الْمُوصِي غَيْرِ الْوَارِثِينَ؛ لِأَنَّهَا فِيهِمْ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي أَقَارِبُ مِنْ النَّسَبِ (فَ) إلَى (مَحَارِمِهِ مِنْ الرَّضَاعِ) كَأَبِيهِ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ رَضَاعٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَحَارِمَ مِنْ الرَّضَاعِ (ف) إلَى (جِيرَانِهِ) الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ إلَى مَا يَرَاهُ، فَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ بِالتَّحَكُّمِ، وَلَوْ وَصَّى بِفِكَاكِ الْأَسْرَى أَوْ وَقَفَ مَالًا عَلَى فِكَاكِهِمْ؛ صُرِفَ مِنْ يَدِ الْوَصِيِّ أَوْ وَكِيلِهِ، وَلَهُ أَنْ يَقْتَرِضَ عَلَيْهِ، وَيُوَفِّيَهُ مِنْهُ؛ وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الْجِهَاتِ. وَمَنْ افْتَكَّ أَسِيرًا غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ جَازَ صَرْفُ الْمَالِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَرَضَ غَيْرُ الْوَصِيِّ مَالًا فَكَّ بِهِ أَسِيرًا جَازَتْ تَوْفِيَتُهُ مِنْهُ. وَمَا احْتَاجَ إلَيْهِ الْوَصِيُّ فِي افْتِكَاكِهِمْ مِنْ أُجْرَةٍ صُرِفَ مِنْ الْمَالِ. وَلَوْ تَبَرَّعَ بَعْضُ أَهْلِ الثَّغْرِ بِفِدَائِهِ، وَاحْتَاجَ الْأَسِيرُ إلَى نَفَقَةِ الْإِيَابِ؛ صُرِفَ مِنْ مَالِ الْأَسْرَى، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ عَلَى افْتِكَاكِهِمْ أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَى بُلُوغِ مَحِلِّهِ. قَالَهُ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ ".
(وَإِنْ وَصَّى) مَنْ لَا حَجَّ عَلَيْهِ (أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ؛ صُرِفَ) الْأَلْفُ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ) الْحَجُّ (تَطَوُّعًا فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى) لِمَنْ يَحُجُّ (رَاكِبًا) كَانَ الْحَاجُّ عَنْ الْمُوصِي (أَوْ رَاجِلًا يَدْفَعُ لِكُلٍّ) مِنْ الرَّاكِبِ وَالرَّاجِلِ (قَدْرَ مَا يَحُجُّ بِهِ) فَقَطْ، فَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ التَّصَرُّفَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ عِوَضَ الْمِثْلِ كَالتَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (حَتَّى يَنْفُذَ) الْأَلْفُ، لِأَنَّهُ وَصَّى بِجَمِيعِهِ فِي جِهَةِ قُرْبَةٍ، فَوَجَبَ صَرْفُهُ فِيهَا، كَمَا لَوْ وَصَّى فِي سَبِيلِ اللَّهِ (فَلَوْ لَمْ يَكْفِ الْأَلْفُ) أَنْ يَحُجَّ بِهِ مِنْ بَلَدِ مُوصٍ (أَوْ) صَرَفَ مِنْهُ فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى وَبَقِيَ بَقِيَّةٌ، وَلَمْ تَكْفِ (الْبَقِيَّةُ) لِلْحَجِّ (حَجَّ بِهِ) ؛ أَيْ: الْبَاقِي (مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ) نَصًّا؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ عَيَّنَ صَرْفَ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ، فَصُرِفَ فِيهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (وَلَا يَصِحُّ حَجُّ وَصِيٍّ بِإِخْرَاجِهَا) ؛ أَيْ: إخْرَاجِ نَفَقَةِ الْحَجِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute